من قبل الذين يرفعونها فتسقط بأيديهم وبإراداتهم بإسقاطها رغم تظاهرهم باحترامها والتمسك بها، وهناك من الشعارات ما يرفع كي يقال فقط إننا متنبهون إلى المسألة أو القضية الخاصة بهذه الشعارات، وكل الشعارات الخاصة بقضايا البيئة تندرج تحت هذا النوع من الشعارات.
ترشيد استخدام الطاقة، والمياه، أحد الشعارات التي لم تتخلف حكوماتنا المتعاقبة – جميعها - عن رفعه من دون أن توليه أي اهتمام باستثناء أنها نظمت له حملات إعلامية واسعة أنفق عليها مبالغ كبيرة للشرح والتوعية لكن من دون جدوى ملموسة، ربما بسبب من ضعف المتابعة، وربما بسبب من الفشل في التأثير بالمجتمع على اختلاف مكوناته التي خاطبتها الحملات الإعلامية والإعلانية التي جرى تنظيمها وتنفيذها على نحو واسع في كل وسائل الإعلام والإعلان، الطرقي والتلفزيوني والإذاعي والصحفي، فضلا عن الملصقات والبروشورات، حتى أن فواتير الماء والكهرباء استخدمت لهذه الغاية من دون أن تؤدي إلى النتائج المرجوة... لماذا ؟؟!!.
التوقف الجاد والمسؤول عند هذا السؤال هو أكثر من ضرورة بالنظر الى النتائج المتواضعة التي تم تحقيقها، وينبغي على الجهات الحكومية المعنية ألا تستهين بواجب البحث عن الإجابة، ذلك أنه بالتمكن من الإحاطة بالإجابة تكون قد قطعت نصف الطريق إن لم يكن أكثر باتجاه تحقيق الأهداف والغايات المراد تحقيقها وبلوغها، ويعتقد أن الخطوة الأولى باتجاه الإحاطة بالإجابة تتجسد بمساءلة الذات من قبل الجهات المعنية بالغاية المستهدفة وبمحتوى الحملات التي تنظمها.
بمعنى أنه إذا كان صحيحا أن جميع الجهات الحكومية معنية، وبالأخص الوزارات المختصة بتقديم خدمات الطاقة والمياه، فان على هذه الجهات أن تعيد النظر - هي والإدارات المحلية المفوضة - بأدائها أولا فيما يختص بموضوع الترشيد... هل التزمت وقدمت بالتزامها النموذج والقدوة، وإذا لم تلتزم فينبغي أن تبحث عن الأسباب، لأن عدم التزامها هو أمر في غاية الأهمية لما يترك من آثار على الأطراف الأخرى في المجتمع المستهدفة بحملات الحض على الترشيد.
والسؤال المطروح هنا هو: ما الذي تتوقعه هذه الجهات من المواطن – وهو المستهدف بحملات التوعية – عندما يرى مشهدا متكررا و يكاد يكون يوميا يدل دلالة أكيدة على عدم التزام مصلحة الكهرباء والإدارات المحلية المسؤولة بترشيد الطاقة إذ لا شيء يبرر لهذه الجهات نسيان مصابيح إنارة الشوارع والاوتسترادات مضاءة حتى ساعات الظهيرة، ولا شيء يبرر لها عدم استخدام مصابيح توفير الطاقة في الوقت الذي تدعو فيه المواطن لاستخدامه، ولا شيء يبرر لها استخدام الإنارة المبالغ فيها داخل المكاتب بينما النوافذ تمتد على طول أحد جدران كل مكتب، وبالتأكيد لا شيء يبرر لمصلحة المياه التخلف عن إصلاح خط تعرض للكسر هنا وآخر يسرب كميات كبيرة من مياه الشرب هناك رغم علمها بهذه الأعطال !!.
طبعا هذه مشاهد لا يمكن إنكارها وهي واقع مر يعرفه الجميع ومن غير المقبول أن يستمر لما يتركه من آثار وانطباعات سلبية لدى العامة، فضلا عن أنها تجعل المواطن غير مبال بكل أشكال الخطابات التي توجه له، ناهيك عن المشاهد الأخرى الأكثر وطأة ومنها التساهل بمسألة معالجة النسب المئوية المرتفعة للفاقد وحالات الاستجرار غير المشروعة للتيار الكهربائي وللمياه، إضافة إلى تجاهل وغياب الجدية بفرض وتنفيذ العقوبات القانونية بحق أصحاب الاستخدامات الخاطئة والإفراط فيها.
ali.na_66@yahoo.com