حيث المناقصات وفض العقود والمبارزات التي تتم تحت الطاولة بين المتعهدين وبالتواطؤ مع بعض ضعاف النفوس من أصحاب القرار للحصول على مناقصة مشروع دسم كما يقال، حتى ولو قام من أراد أن يحظى به بالتنسيق في الخفاء مع زملائه ومحاسبي الإدارات, وكلنا يعلم النظام المعمول به للعقود أن المناقصة ترسو على من تقدم بكسر كبير عن زملائه على المبلغ المرصود للمشروع، بغض النظر عن المواصفات والدليل السعري المعتمد.
ولاشك أن هذا النظام كان وراء رداءة الكثير من المشروعات الخدمية التي ترصد لها الحكومة سنويا مئات المليارات فمن قام بتقديم أسعار لاتتناسب مع الواقع، وبكسر خيالي كيف له أن يربح من مشروع في حال أراد أن ينفذه بمواصفات فنية جيدة، وهل من سبيل لتعويض الكسر المقدم بعرضه سوى التلاعب بالمواصفات على حساب جودة المشروع .
وما نشاهده سنويا من رصد مبالغ كبيرة لمشاريع خدمية تحت بند الصيانة ولاسيما مشاريع التعبيد والتزفيت والصرف الصحي وغيرها سببه عدم وجود نورمات واضحة للمدة الزمنية الواجبة لصيانة المشروع بعد تنفيذه بمواصفات محددة، علما أن المشاريع التي تصرفها الحكومة سنويا على الصيانة كفيلة بأن تشكل قيمة مضافة لمشاريع تنموية بعيدا عن الهدر في المال العام والفساد.
وحتى لو ضمن نظام العقود وجود لجان إشراف ومتابعة للمشاريع من مهندسين وفنيين، فهناك حلقات الفساد تتوسع وتزداد بهدف التغطية على التجاوزات واختصار المواد سواء «كما أم نوعا» لتمرير المشروع وإعداد محضر الاستلام، وما تسجله أجهزة الرقابة والتفتيش سنويا من حالات وتجاوزات دليل على الخلل الكبير في الآليات المعتمدة بنظام العقود، والأخطر من ذلك المشاريع التي تنفذ من شبكات صرف صحي ومياه وكهرباء وهاتف يتم طمرها والتعبيد فوقها بوجود لجان إشراف إن أراد لها المتعهد بنفوذه أو بطرقه الملتوية أن يتواجدوا، والمشاكل التي قد تنجم عن سوء التنفيذ لاحقا» وهي تحت الأرض.!!!
والسؤال :متى سيتم إعادة النظر بنظام العقود وملاحق العقود التي تتسبب في ازدياد رقعة الفساد الإداري وسرقة المال العام والارتقاء بالمشاريع الخدمية والتنموية، وإيجاد نورمات واضحة تضمن جودة تنفيذ المشاريع والمنافسة الشريفة بين المتعهدين بما يخدم المصلحة العامة.