تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لسنا طيور شوك

معاً على الطريق
الثلاثاء 31-3-2015
خالد الأشهب

يتردد الكثير من المفاهيم والمصطلحات اليوم, ويتداول في أجوائنا السياسية والإعلامية كما لو أنها أحجيات أو ألغاز عصية على الفهم، أو هي ذات معايير ثابتة غير نسبية،

ويمكن سحبها على جميع اللاعبين السياسيين من دون أي اعتبارات خاصة بكل لاعب من حيث أهدافه البعيدة والمخططة ومن حيث حجمه وأدواته وغير ذلك، فنقاربها بطريقة واحدة، ونقيمها بالطريقة ذاتها ونصدر أحكاماً عمياء عليها، فنساوي قسراً بين هؤلاء اللاعبين كما نساوي بين البيادق على رقعة الشطرنج!‏

فإن لم تحقق أميركا الديمقراطية في العراق أو أفغانستان مثلاً يقل البعض منا: لقد أخفقت السياسة الخارجية الأميركية، وكما لو أن ادعاء أميركا بتحقيق الديمقراطية إياها هو هدفها الحقيقي ونحن صدقنا ذلك على طريقة: إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام، لا بل يذهب البعض مذهباً مغالياً في توصيف الإخفاق إلى إطلاق حكم «الهزيمة».. رغم أن أميركا دمرت العراق وأفغانستان وقتلت شعبيهما ونهبت ثروتيهما وعطلتهما عشرات السنين، وإن استدارت أميركا هنا أو هناك وبدلت سياساتها وحسنت ألفاظ خطابها، ولو بزلة لسان عابرة، قال هذا البعض والتمس العذر لها بالقول : إن أميركا «اكتشفت» أخطاءها.. وكما لو أنها كانت غافلة عن أخطائها وعن ظلمنا معاً، وهي لا بد ستتحول وستتبدل بما يرضينا ويرضيها!‏

طريقة كهذه في تفسير ما تقوله أو تفعله سياسات أميركا بمقاييس ومعايير ما تعلنه ألسنة قادتها، أحرى بالأميركيين أنفسهم استخدامها إذ يلتمسون العذر لبلادهم وقادتهم في ما يفعلونه ويرتكبونه، لا بضحايا أميركا في ما وقع عليهم من أميركا ومن سياساتها، فالذين يتحدثون اليوم عن «صحوة» أميركا المفاجئة على حجم الإرهاب الذي يجتاح المنطقة.. كما لو أنهم يريدون إخبارنا عرضاً وبصورة غير مباشرة، بأن أميركا كانت نائمة أو غافية حين نشأ هذا الإرهاب وتمدد وتوحش.. وها هي الآن قد صحت فانتظروا؟‏

على هذا النحو من الاستخدام الأعمى والعشوائي للمفاهيم والمصطلحات ومفردات اللغة لتوصيف الأشياء، فإننا لم نعد نعرف مع هذا البعض.. متى انهزمت أميركا وأين وكيف.. ومتى انتصرت أميركا وأين وكيف، وحتى بتنا مع هذا البعض أيضاً نظن أننا نصطف إلى جانب أميركا وليس في مواجهتها، بل إن أميركا تصطف إلى جانبنا وليس في مواجهتنا!‏

لاحظوا ما يجري من تحليل وتركيب للسياسات الأميركية بمقدماتها ونتائجها في المنطقة العربية، وكيف تجري مفردات التعبير والتوصيف على ألسنة بعض من يراقب ويحلل هذه السياسات، التي أحرقتنا ولا نزال نتحدث عن البرد والسلام الأميركي المنتظر، والتي أفقرتنا وجوعتنا ولا نزال نتحدث عن غذاء وشبع أميركي آت أو لا بد أن يأتي.. حين تصحو أميركا أو تكتشف أخطاءها!‏

وبطبيعة الحال، فإن ما ينسحب على أميركا ينسحب على إسرائيل بالضرورة.. فرفقاً بنا ورحمة أيها البعض الراقص على جراحنا، فلسنا طيور شوك أبداً!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية