مثل هذا يحدث اليوم حين يتساءل الأميركيون مثلا ومعهم أصدقاؤهم وعملاؤهم : ماذا يفعل الروس في شرق المتوسط ؟ وكما لو أن من المشروعية بالنسبة إليهم أن يأتوا هم من وراء المحيطات ويستوطنوا الشرق الأوسط نهبا وهيمنة وتخريبا , وليس من هذه المشروعية ذاتها أن يأتي الروس والصينيون ولو لمجرد الصداقة والتعاون الإيجابي مع دول وشعوب المنطقة !
هذا نموذج من عقلية التسلط والهيمنة التي تسير وتحكم سلوك الأميركيين , ليس في المنطقة العربية فحسب بل وفي العالم أجمع طيلة العقدين الماضيين ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي , ومن الواضح اليوم أن هذه العقلية لا تزال تحكم السياسة والسلوك الأميركيين في العالم وفي شرق المتوسط بشكل خاص , رغم المتغيرات الكثيرة الإقليمية والدولية الطارئة والتي لم تعد تمنح هؤلاء الأميركيين الفرصة والقدرة على الاحتفاظ بما يتوهمونه من السطوة والتفرد في شؤون المنطقة .
قمة بوتين أوباما أول أمس في المكسيك وما نتج عنها من مواقف وتوجهات مشتركة جاءت لتعيد رسم جزء من المشهد العام في المنطقة العربية , ولتقول إن ثمة مشهدا جديدا هو في طور التكون والتبلور ينسف مرتكزات المشهد السابق ويؤسس لمشهد جديد تملأ أميركا جزءا منه فحسب , فيما يملأ آخرون البقية !
لعل مرارة تجربة دول الشرق الأوسط خاصة ومعظم دول العالم عامة , مع الهيمنة السياسية والعسكرية الأميركية طيلة السنوات العشرين السابقة , تدفع بالكثير من هذه الدول والمجتمعات إلى التفاؤل بقمة بوتين أوباما بوصفها اقترابا جديدا من استعادة التوازن الدولي , سواء في تخفيف السطوة العدوانية الأميركية من جهة أولى , أو في كسب حلفاء جدد جادين وفاعلين من الجهة الثانية.
لعلنا نقترب من اليوم الذي تتساءل فيه دول المنطقة وشعوبها مجددا .. ماذا يفعل الأميركيون في شرقنا المتوسط ؟؟