بالطبع, قد يكون الأمر الذي اصدرته المحكمة الاسرائيلية مجرد فبركة إعلامية او سياسية عابرة ذات أبعاد ودلالات محددة, كأن يكون تخريجة متفق عليها, تتفلت بها حكومة أولمرت من تنفيذ اتفاق التهدئة بذريعة الامر القضائي الذي ستدعي انها لاتستطيع تجاوزه, وأنها ينبغي أن تحاول ثانية اقناع هذه المحكمة بإلغائه, وقد يكون فرقعة اعلامية تستهدف إظهار اسرائيل مجتمعا ديمقراطيا يسوده القانون , ويستطيع فيه المزاج العكر لعائلة اسرائيلية واحدة إدارة قرار سياسي هو الاعلى تعطيلا او تنفيذا, إذا كان يتعارض مع مصلحة هذه العائلة او حتى مزاجها .
غير أن المحتوى الأهم في قرار المحكمة, هو ذلك النفس العنصري الذي ينطوي عليه, وتلك الشوفينية المتعصبة التي تتشبع بها المحكمة الاسرائيلية الاعلى في اسرائيل, مثلها مثل باقي مؤسسات القرار الاسرائيلي, والتي يمكن لها وببساطة ان تأخذ بالاعتبار الاول لها إرضاء ذلك المزاج العكر لعائلة شاليط في مقابل قهر أكثر من مليون فلسطيني تسجنهم اسرائيل في غزة عبر حصارهم وقطع اسباب الحياة عنهم في ارضهم .
حتى لو لم تنفذ حكومة أولمرت ما أمرت به المحكمة , إلا ان ما اوجبه قرارها على الحكومة من ضرورة التنسيق مع عائلة شاليط بشأن فتح المعابر , يكشف عن اللاجدية التي تتعاطى بها اسرائيل عموما مع الاتفاقات الموقعة سواء مع حماس او مع غيرها, وكذلك الاستهانة التي تنظر من خلالها الى أطراف الاتفاق والتفريط بمن رعاه وتوسط له .
إنه نموذج للاعتبار والمقارنة بين ماتوقعه اسرائيل من اتفاقات تعتمد على نياتها المبيتة , واتفاقات توقعها تحت طائلة الردع , يظهر بوضوح اللغة الاجدى في التعاطي مع كيان عنصري لاينحو الى التهدئة والسلام إلا إذا كان مضطرا ?