تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأفكار الرمادية..!

معاً على الطريق
الأربعاء 25/6/2008
علي قاسم

مع كل تصدع يصيب فكرة أو مصطلحاً وصولا إلى النظريات, تبدأ حركة الارتدادات بالبروز تباعا, وبعضها على الأقل, يتحول إلى داع مناهض لها, بعد أن يكون قد قدم لها الكثير من الشرح والترويج, على قاعدة من المواقف الانتهازية التي ترسم في أغلب الأحيان مواقف أولئك الدعاة.

ولعل البارز في هذا السياق النبوءات الجديدة التي يطلقها الكثير منهم حول العولمة ومستقبل التعاطي معها, بعد الخيبات التي برزت في سياق التداعيات الناتجة عن تطبيقات تلك الأفكار والنظريات.‏

وهي نبوءات تقدم في جزء منها على أنها البدائل الجديدة التي تستطيع تجاوز تلك الخيبات, وتقدم في الوقت ذاته حلولا جذرية للمعضلات التي تواجهها البشرية في مرحلة ما بعد العولمة, أو مرحلة التقييم كما تدرج تسميتها في بعض التنظيرات, لكنها في الجزء الآخر تمثل انقلابا حادا على كل ما قدمته, وتنسف كل ما جاءت به, يتجاوز حدود البدائل والتعديلات.‏

هذا الارتداد من موقع المتحمس إلى دور المشكك في جدوى التمسك بها, يعيد إلى الذاكرة المواقف المتباينة التي ظهرت عشية التصدع الذي أصاب التجربة الشيوعية في العالم, وظهرت بشكل لافت عقب الانهيار الذي واجهته, فكانت الارتدادات من كل حدب وصوب, وظهرت مواقف لم تكتف بإعلان البراءة من احتمالات التحمس يوما لتلك التجربة, بل وقطعت أي صلة بكل ما يمت إلى تلك الحقبة.‏

الفارق الوحيد بين اليوم وما جرى آنذاك أن من يطرحون بدائلهم لم يجزموا بعد بأن التصدعات الحاصلة قد تؤدي إلى سقوط نظريات العولمة, وما أصابها قد يكون عارضا, يمكن تجاوزه, وبالتالي فإن حدود التشكيك بجدواها, أو ملامح الارتداد عنها لم تصل مستوى القطيعة.‏

وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود, ثمة مساحة لكثير من الطروحات التي تغيب عنها الألوان, وتكون أقرب إلى الرمادية منها إلى أي لون, وستكثر مع الخيبات والتداعيات التي تتتالى تباعا على أكثر من صعيد.‏

ومع الأزمات العاصفة التي تدق ناقوس الخطر بدءا من أزمة الغذاء وليس انتهاء بأزمة الطاقة ومفرزاتها, سنشهد توالدات سرطانية, وتفش غير مسبوق للأفكار الرمادية التي ستطغى على سواها, ريثما يتحدد الموقف النهائي, ويتم تحديد اتجاه المعركة التي على البشرية خوض غمارها مع تلك الأزمات التي تعكس ترسبا واضحا لمنطق العولمة الذي يواجه فشلا يتجاوز حدود الخيبة الظاهرة اليوم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7091
القراءات: 1010
القراءات: 1169
القراءات: 955
القراءات: 955
القراءات: 943
القراءات: 1074
القراءات: 905
القراءات: 844
القراءات: 941
القراءات: 990
القراءات: 875
القراءات: 813
القراءات: 864
القراءات: 1067
القراءات: 947
القراءات: 766
القراءات: 954
القراءات: 975
القراءات: 1036
القراءات: 991
القراءات: 869
القراءات: 1039
القراءات: 948
القراءات: 1079

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية