أو انتشار ظاهرة (التفييش) لنسبة غير قليلة من العاملين في الشركات الكبيرة مع ما يرافق ذلك من خلل وفساد، أم لجهة تغيير صفة العمل لهذا وذاك في ضوء العلاقات الشخصية والمصالح النفعية الضيقة..الخ.
لكن هذا الواقع تغير ولم تعد المشكلة في زيادة أعداد العاملين إنما باتت في نقص أعدادهم بمعظم الجهات التي ينعكس نقص العمالة فيها على الأداء والخدمات العامة والإنتاجية.. وإذا كان سبب هذا النقص يعود للأزمة والإرهاب في بعض المحافظات وما نجم عن ذلك من هجرة الكثيرين إلى خارج محافظاتهم أو بلدهم، فإنه يعود في بقية المحافظات لأمور أخرى تتعلق بسوء أو قصور آليات التعيين والتشغيل الحالية، وتأخر إجراءاتها بشكل كبير، وبالتالي عدم إملاء الشواغر في هذه المؤسسات والشركات رغم المطالبات العديدة والحاجة الماسة!.
خذوا مثلاً وحداتنا الإدارية -القديم منها والمحدث- معظم أو جميع هذه الوحدات (البلديات) تعاني من واقع سيئ للنظافة العامة فيها، ومن قلة خدماتها وضعف استثماراتها وندرة مواردها، وإذا وضعنا جانباً سوء الإدارة وعدم استثمار الإمكانات المتاحة عند الكثيرين، فإن السبب في الواقع السيئ يعود -حسب تأكيدات القائمين على هذه الوحدات- إلى قلة عدد عمال النظافة والصيانة وأيضاً قلة عدد الكوادر المتخصصة في الأمور القانونية والمالية والإدارية، وهذا بدوره يعود للتعليمات المركزية التي تمنع تعيين أي عامل نظافة أو غيره إلا وفق الآلية المتبعة حالياً في التعيين والتشغيل وليس إلى الاعتمادات المالية المطلوبة لهذا البند كما قد يظن البعض، فتعيين أي عامل نظافة في وحدة إدارية يحتاج لسلسلة طويلة من الموافقات المحلية والمركزية والإجراءات المرهقة والزمن الذي يمتد لأكثر من سنة!.
تصوروا أن مدينة مهمة كطرطوس -على سبيل المثال- لا يوجد فيها سوى أربعين بالمئة من حاجتها الفعلية لعمال النظافة والصيانة والحدائق وينقصها ثلاثمئة عامل نظافة لتعود النظافة لسابق عهدها، وتفتقر لكوادر حقوقية ومالية حيث لا يوجد فيها سوى حقوقي واحد ومالي واحد فهل يجوز أن نبقي هذا الواقع بأسبابه ونتائجه؟!.