تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أنــان.. قصف خليجي مســبق!!

الافتتـاحية
السبت 10-3-2012
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يأتي كوفي أنان اليوم مهدداً بثقل ما يحمله من تمنيات الأطراف الضالعة في الاستهداف، في وقت لايستطيع تجاهل مواقف القوى المهتمة بجدية مهمته والراغبة فعلاً في إنجاحها.

ورغم التعاكس إلى حد التضاد في النظرة إلى المهمة، تبقى المسألة معلقة إلى حد كبير على مقدرة الدبلوماسي الأممي المخضرم في التمسك بواقعيته السياسية!!‏

فقد سبق وصوله تصريحات ومواقف تجمع تقاطعات من تلك التمنيات, فيما بعضها الاخر يحمل رغبات بالجدية وصدق الإرادة، وإن بدا موقفه الشخصي معياراً يمكن الركون إليه لقياس ردود الفعل اللاحقة التي ليس من الصعب التكهن بها!!‏

اللافت في المسألة، أن مهمة المبعوث الدولي التي بدأت جهات غربية ضاغطة بتدوير الزوايا لتكون متوافقة مع أمنياتها ورغباتها تأخذ طابعاً متدحرجاً في المسارات التي تقود إليها حين تحدث عن الواقعية السياسية المطلوبة، رغم أن ما أردفه من إضافات قد لا تدعم هذا التوجه وربما لا تؤكده، بعد أن بدت المقاربات الأولية لبعض المحرجين صامتة حيالها!!‏

في المجمل، ندرك جميعاً أن لعبة تدوير الزوايا لم تعد حكراً على طرف أو قوة، بل هي تشمل مجمل المواقف الغربية التي تتعاطى السياسة، فيما توارب مشيخات الخليج في موقفها وهي التي لم تنطلق أصلاً من رؤية سياسية، بقدر ما كانت انعكاساً لأوهام وتخيلات عززتها حالة من التورم والاستطالة في أدوارها المستجدة والمؤقتة.‏

وحتى حين بدأت أميركا والغرب عموماً تركز على تدوير الزوايا بهذا الشكل، اتخذت تلك الأنساق السياسية الخليجية موقفاً جامداً، حتى إنه بدا منفصلاً كلياً عن السياق الذي أنتجه وخصوصاً أن الجميع يعلم إلى حد اليقين بأنها بالأساس كانت إرضاء لذلك الغرب, بشقيه الأميركي والأوروبي، بل استجابة لإملاءات فُرضت, وساقت بها قَطَر والسعودية تحديداً إلى درجة أنهما تجاوزتا ما هو مطلوب منهما.‏

الكارثة أن ما يحكم العقل السياسي لكل من قطر والسعودية.. هو البدائية والمحدودية والسذاجة السياسية وزاد الطين بله أنه بنى افتراضاته على وهم تورم لديهما وبات احتكامهما إلى المال بديلاً من كل العوامل الأخرى، فبدا هزيلاً وناقصاً في الآن ذاته.‏

الأدهى من ذلك أن التعاطي مع مهمة أنان محكوم بنظر السياسة الخليجية بمدى مقاربته تلك الأوهام وبالتالي من الطبيعي أن تصطدم مهمته مباشرة بتلك النظرة إلى حد المجابهة، ولم تكن تصريحاته في القاهرة إلا أحد عناوين المجابهة المسبقة، بل هي قصف تمهيدي لحلقات قادمة من المواجهة التي ستحتدم.‏

بين الدعوة إلى تسليح الإرهابيين، وبين العمل على إطلاق الحوار السياسي يبدو الفارق اليوم أكثر اتساعاً.‏

ويحمل السيد أنان أفكاراً تزيد من تلك المساحة الفاصلة بين الاتجاهين والموقفين، ولا يخفي من طَرَحَه للمهمة أو من دفع بالفكرة متابعته لذلك الفارق المؤهل لمزيد من الاتساع، بعد أن يطلع المبعوث الدولي على حقائق غيّبتها الصورة الافتراضية.‏

لا أحد لم يلحظ أن مهمة أنان تكاد تغيب عن تصريحات المسؤولين الغربيين عموماً، وليس هناك من لم يتساءل عن سبب هذا التجاهل، حتى إن البعض منهم حين يتحدث عن مستقبل الأحداث لا يضع هذه المهمة ولا نتائجها أو احتمالات هذه النتائج في المعادلة التي يطرحها، فيما دول الخليج تمارس صمتاً مطبقاً حيالها ولا تكاد تذكرها، حتى إن أبواقها الإعلامية بعد تصريحاته في القاهرة تتعمد سياسة الاستبعاد القسري لتلك النتائج واحتمالاتها؟!‏

كوفي أنان المحمّل بهذا الطيف الواسع والمتدرج من التمنيات إلى الرغبات وتقاطعها مع الواقعية السياسية التي يتحدث بها، يدرك أنه مقدم على مغامرة سياسية لا تخفي تلك الأطراف حكمها المسبق عليها، وأخطر ما يتهددها فعلياً أن تعود إلى الأدراج التي خرجت منها، كما هو حال تقرير لجنة المراقبين العرب، خصوصاً أنه لم يبدِ تجاوباً في تسويق التسليح واعترض عليه، وهي مؤشرات لا تروق لمشيخات النفط.. ولن تتردد في التصويب عليه، بل سيكون موضع قصف سياسي وإعلامي إذا ما أخرج رؤيته الواقعية إلى حيز الوجود..!!‏

الترحيب السوري بالمهمة ينطلق من مبدئية سياسية إيجابية تجاه أي جهد جاد، رغم هواجس كثيرة تطرحها أي مبادرة، وخصوصاً في خطواتها الأولى، أو حتى يتبين الخيط الأبيض منها من الخيط الأسود والتعاون السوري معها لا يحتاج إلى تأكيد وخصوصاً إذا ما توافرت لدى حاملها الإرادة الجدية في التمسك بواقعيته السياسية.‏

a-k-67@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7094
القراءات: 1014
القراءات: 1172
القراءات: 958
القراءات: 959
القراءات: 946
القراءات: 1077
القراءات: 909
القراءات: 847
القراءات: 945
القراءات: 993
القراءات: 878
القراءات: 817
القراءات: 867
القراءات: 1071
القراءات: 950
القراءات: 768
القراءات: 957
القراءات: 979
القراءات: 1039
القراءات: 994
القراءات: 872
القراءات: 1042
القراءات: 951
القراءات: 1082

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية