عندما سئلت الزعيمة الهندية كيف تستطيع إدارة شؤون بلد هو أشبه بقارة يقترب تعداد سكانها آنذاك من المليار , أجابت ببساطة : تماما كما أدير شؤون أسرتي ومنزلي .
بالقياس أقول إن الأمهات منا يعلمن صحة المثل القائل إن الطفل الذي لايبكي لا تطعمه والدته , ولا أي أحد آخر بطبيعة الحال ( قد يبتزه أو يختطفه لأجل اللقمة ) . السكون رضا بالنسبة للوالدة , لكنها تتعلم أيضا وفي حالات خاصة واستثنائية أن السكون كمون , فقد يكون دلالة علة , وقد يكون ترحيلاً مؤقتاً لمطالبات متراكمة تتفجر بصخب قد يولد عنفاً .
طالما أنه نائم فلا توقظيه ليأكل، درس تكرره الأوليات على الأمهات الشابات , فالسبات دليل اكتفاء فإن أيقظته أفسدته وأفسدت عليه هناءته وهناءتك , ثم يؤكدن ما سبق بمثل آخر يقول إن نوم الظالمين عبادة .
لكن الخبرات المستفادة تظل أضيق من اتساع الحياة واختباراتها المذهلة للأم الذاهلة عن جوهر الحياة الذي يجعلها تفيض عن أي قوالب مهما اتسعت وتنوعت.
حدثتني امرأة أن رضيعها ظل نائما لسبع ساعات متواصلة , ما يعني أنه فوت وجبتين على الأقل , لكنه عندما استيقظ , كان استيقاظه أقرب إلى الانفجار , حتى إنها فكرت أن بكاءه لم يكن فقط تعبيراً عن جوع , بل هو مزيج من غضب وتوتر وملامة شعرت بها عندما مدت له الرضاعة فلم يستطع التقاطها لشدة توتره وتخبطه .
هدهدته , ولأنه كان خائر القوى لم يلبث أن سقط في وهدة النوم , ثم لقمته الرضاعة فبدأ يستجر غذاءه بفعل الغريزة اللاواعية , وعندما صحا في منتصف وجبته كان الجوع والقهر من الإهمال قد تناءيا .
كان الاختبار قاسياً للاثنين , لكن العلاقة لم تلبث ان استقامت بين حرارة اشتياق الابن ودفء حضن الأم .
dianajabbour@yahoo.com