لم تكن التقديرات خارج ذلك الإطار.. ولم تكن أيضاً بعيدة عن إدراكه.. فالكل يسلم أن الجولة لما تنته بعد.. ولا تزال المؤامرة ترمي بأدواتها.. لم تعلن إفلاسها.. بل تتحضر لجولة أخرى.. تزيد من جرعة فوضويتها واستهدافها.
بين هذا وذاك ثمة أسئلة مبطنة يتم تداولها جهراً وعلانية وتتعلق بالمنحى الذي تتجه إليه الكثير من الممارسات التي خرجت عن أي مطالب أو إصلاحات.
لا أحد بمقدوره نفي أن هناك من ركب موجة المطالب المحقة ليُحدث ذلك التحول في اتجاهها واستغلها بشكل دفع إلى الخلط بين هذه وتلك لبعض الوقت.
واليوم لا مجال للخلط .. لا مجال للصمت ... والفرز سيد الموقف يعود إلى الواجهة بشكل أكثر وأوسع مع بروز ظواهر مفجعة للكثير من السوريين الذين لم يصدقوا مايقال ولا ما رأته أعينهم وماسمعته آذانهم من بعض أولئك..
وهي ترمي بأوراق غريبة عن كل سوري.. بل هي من خارج منطق أي مواطن سوري.. ووصلت في بعض تفاصيلها إلى حد لا يمكن تخيله..
أمام هذا وذاك يبدو السؤال الصريح و المباشر.. ترى من يمثل أولئك.. من يقودهم.. من يمولهم.. من يملي عليهم تصرفاتهم..من يضع لهم خطط أفعالهم؟!
ليس من الصعب الإجابة.. لكن بالمقابل ليس من المنطقي الأخذ ببعض الإجابات التي تتحدث عن أن هؤلاء مجموعة من الصبية والشبان الصغار أو هم من أصحاب السوابق فقط.. لأن مايُقدمون عليه ثمة من يوحي به.. وثمة من يهمس لهم به وصولاً إلى إخراجه بهذا الشكل.
الأهم من هذا وذاك أن ماجرى ومايجري يخرج بالمطلق عن أي إطار مطلبي وإصلاحي.. يجرح شعور السوريين ويؤذي وجدانهم.
في التخريب والترويع ندرك الأبعاد ونتلمس الغايات والأهداف.. وفي الظواهر المفجعة المرافقة لها نعي الغاية وندرك الوسيلة - فهل يدركها من يقفون خلفهم.. هل يعون ماذا تعني تلك الشعارات وتلك الشواهد الشائنة؟!
بلغة التخريب نراهم يتقنونه إلى ذلك المستوى من الهمجية.. وفي الألوان المرافقة لا نجد إلا لون الدمار .. يتمسكون به ويحشرون أنفسهم في زواياه المظلمة.
بين التخريب والترويع ذلك القطوع المشترك الذي يجمع حوله وعليه صنوفاً من المخربين والعابثين والفوضويين الذين يضيفون ماهو مستهجن مهما كان المسمى أو المسعى أو الهدف، وهم يقدمون فنوناً غريبة عن ذواتنا ومجتمعاتنا.
من الصعب على أحد بعد اليوم أن يتخفى خلف إصبعه من مشاهد مافعلوه.. لابد من النبذ.. وربما الاجتثاث.. لأنهم باتوا ظاهرة غريبة لا أحد من السوريين يقبلهم ولا أحد بإمكانه أن يدافع عنهم.. ولا أن يبرر سلوكهم.. ولا أن يخفي دهشته من الدرك الذي وصلوا إليه!!.
a-k-67@maktoob.com