ومنذ سنوات سبقت الأحداث في سورية وتزامنت بوضوح مع الاحتلال الأميركي للعراق, باتت مرتعا لهيمنة أميركا والغرب وتسلطهما على العالم ومقدرات شعوبه حين غدت أميركا القوة العظمى الوحيدة, وحين تكالبت سياسيا ودبلوماسيا ثم عسكريا لتسخير أدوار هذه الهيئات ووظائفها وأدواتها في خدمة مصالحها, ولم تجد من يردعها أو يلجمها داخل هذه الهيئات أو خارجها .
لكن , ومنذ وصول ملف الأحداث في سورية إلى كواليس هذه الهيئات ومناقشاتها , وبالتحديد منذ الاستخدام الروسي الصيني المزدوج للفيتو أول مرة في مواجهة المشروع الغربي الأميركي ضد سورية منذ أشهر قليلة , كان واضحا تماما أن ثمة تبدلا في أداء هذه الهيئات ووظائفها , وأن ثمة استعادة متدرجة للتوازن والعقلنة فيها , يقابله تراجع في طيشها ورعونتها اللذين أثقلا العالم وأدميا شعوبه ومجتمعاته طيلة عقدين من الزمن كان توازن القوى الدولية خلالهما مهتزا متخلخلا في صالح أميركا وحلفائها , ولنكتشف في هذه الآونة من مسيرة هذه المنظمات والهيئات أن العيب ليس قائما في مواثيقها ولوائح تنظيم عملها , بل في خلل التوازن بين القوى الدولية الممثلة فيها .
بروز وتقدم القوى الدولية العاقلة والفاعلة على ساحة العالم ممثلة في الصين وروسيا ودول المجموعات الإقليمية الكبرى مثل مجموعة « بريكس » وغيرها لجم الاندفاعة الغربية الأميركية وصوب أداء المنظمات الدولية إياها , وأكد مقولة التوازن وأهميتها في استعادة استقرار العالم والذهاب به نحو المزيد من العدالة والإنصاف والأنسنة .
اليوم , وبعدما شهد العالم بأسره ضرورات التوازن والعقلنة في المنظمة الدولية والهيئات المشتقة منها وفوائد هذه الضرورات , فإن العالم مدعو إلى مزيد من تحرير المنظمات الدولية وعقلنتها , وإلى إعادة تنظيفها وتعقيمها من أدران الهيمنة الأميركية الغربية على قراراتها وكواليسها بما يوفر للعالم مناخات العدالة وانزياح حقبة الظلم والظلامة !