تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين السياسة والأدب الأميركي

إضاءات
الإثنين 24-11-2014
د.خلف علي المفتاح

لا شك أن السياسات الخارجية للدول تحكمها مسألتان أساسيتان هما مصالح النخب الحاكمة وايديولوجيا الأحزاب الموجودة في السلطة،

ومع أهمية الإقرار بذلك يجد المتابع لسياسات بعض الدول إن لم نقل الكثير منها أساساً ثقافياً واجتماعياً لها، من هنا تأتي أهمية التفتيش في الضمير الجمعي للشعوب بحثاً عن جذر ثقافي أو أخلاقي يفسر بعض سياسات حكوماتها ما يدفعنا لتسليط الضوء على عنوان المقال الذي نحاول من خلاله إيجاد قاسم مشترك بين الثقافة الشعبية والسلوك السياسي الأميركي وهذا ما يمكن البحث عنه عبر استعراض لبعض كتابات الأدباء والباحثين في ثقافة المجتمع نجد أن بطل الرواية في الغرب الاميركي يقوم مقام الوسيط بين المجتمع الاستكشافي وما يتهدده من أخطار ونوائب، فهو الانسان الذي قدر له أن يحل النزاع والمواجهة بين الحضارة الاميركية والبرابرة أو ما يطلق عليه في الادب الشعبي الاميركي الهمج وقد يكون ذلك البطل مأمور بلدة أو قائدها العسكري أو ربما من رعاة البقر، واللافت هنا أن البطل القادم من الغرب الاميركي يعود من حيث أتى بعد أن ينجح في مهمته الوطنية والانسانية. وتصف دراسة للباحثين جيوليت ولورانس كيفية تدخل البطل مراراً وتكراراً في مهمة إنقاذ مجتمعات هي ليست مسقط رأسه ولا مرابع عيشه تتهدد أهلها قوى الشر والعدوان وهي تعيش بأمن وسلام، حيث لا تملك تلك المجتمعات الأولية والفقيرة والمتخلفة القدرة على مواجهة تلك القوى الشريرة ومن ثم وبقدرة قادر يبرز ذلك البطل الملحمي المحب للغير الرافض لكل إغراء والمصمم على تحرير الناس من كل تهديد وخوف مستعيناً بذلك على ما تمده الأقدار من عون ومساعدة بحيث يحرز النصر الحاسم ويعود منتصراً من حيث أتى.‏

إن إسقاط هذه الصورة الأدبية والثقافية على ما تنتهجه الحكومات الاميركية من سياسات تجاه دول العالم تجعل المحلل للسياسة الاميركية راهناً يجد صدى حقيقياً للعديد من المشاهد والمواقف التي يبرزها الأدب الشعبي الأميركي في روايات عديدة على السياسات الأميركية خاصة ما تعلق منها بالحديث عن مساعدة الدول على التخلص من التسلط والقهر والاستبداد من حكام دكتاتوريين يمارسون سياسات البطش والتنكيل بشعوبهم، وفي صورة ثانية يأتي الأميركي المخلص للجماعات الإنسانية من قوى الشر والتخلف والهمجية والبربرية وهنا تقفز الى ذهن القارئ دعوى مكافحة الارهاب والتطرف التي تسوقها الإدارات الأميركية المتعاقبة لتبرير تدخلها السافر في الشؤون الداخلية للعديد من دول العالم ولاسيما منطقتنا العربية.‏

إن الفارق الوحيد بين الصورة الأدبية في الثقافة الشعبية الاميركية للبطل الملحمي الاميركي وما تنهجه الإدارةَ الاميركية راهناً هو أنه في الرواية الأدبية لا يحتاج الى مساعدة أحد في تنفيذ مهمته الإنسانية تلك، ولكنه اليوم يحتاج الى ترويج لمهمته تلك بهدف كسب حلفاء أو تحالف من أبناء المنطقة لتنفيذ مهمته(الإنسانية) تلك ومنعاً له من الأذى الذي قد يتعرض له بسبب جهل بعض البرابرة والهمج الذين يجهلون طبيعتها الإنسانية والكلفة المادية التي يعجز البطل الملحمي عن أدائها لكثرة تبعاته والمهام الإنسانية الملقاة على كاهله! إنها تراجيديا القرن الحادي والعشرين ؟؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11279
القراءات: 1049
القراءات: 801
القراءات: 952
القراءات: 826
القراءات: 897
القراءات: 910
القراءات: 871
القراءات: 942
القراءات: 888
القراءات: 900
القراءات: 871
القراءات: 900
القراءات: 933
القراءات: 976
القراءات: 949
القراءات: 1039
القراءات: 1015
القراءات: 949
القراءات: 1012
القراءات: 948
القراءات: 981
القراءات: 999
القراءات: 1042
القراءات: 1248
القراءات: 1192

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية