تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدور المصري..؟

إضاءات
الأثنين 5-1-2015
د.خلف علي المفتاح

كثر ويكثر الحديث عن الدور المعول على مصر في أطار المساهمة في حل الازمة في سورية بالاشارة الى علاقتها مع بعض قوى المعارضة وتواتر توجهها الى مصر

والحديث عن سعي مصري للملمة شتاتها بهدف الاتفاق على رؤية تتوافق عليها لحل الأزمة التي يدرك الجميع انها اصبحت ذات طبيعة مركبة ومتداخلة ومتشابكة بحيث اصبح من الصعب الحديث الجدي عن حل نهائي لها دون توافقات اقليمية ودولية يكون اساسها ونواتها توافق السوريين انفسهم ، ولا شك أن لمصر دورها وثقلها الاقليمي والدولي إن أحسنت الاضطلاع به وهذا من وجهة نظرنا يحتاج الى جملة من الشروط والعوامل يأتي في مقدمتها ان يكون الدور المصري نابع من قوة مصر ذاتها لا نيابة عن غيرها او تحت تأثير ورغبة ومصالح قوى خارجية أيا كانت إمكاناتها وثقلها ونفوذها وان تراجع مصر علاقتها مع الحكومة السورية وتصححها وتطبعها كي تكون مؤهلة للاضطلاع بذلك الدور المأمول فلا يمكن لأي باحث عن دور ايجابي في حل الآزمة من أن يكون مقبولا وموثوقا ومتوازنا وموضوعيا في مواقفه.‏

ان القرار الوطني المصري المستقل هو الذي يعطي الوزن والثقل لها, فمصر قوة بذاتها لاعتبارات موضوعية منها ثقلها التاريخي على مستوى المنطقة والاقليم وجغرافيتها وديمغرافيتها الواسعة وموقعها الجيواستراتيجي الذي له سمة الثبات، ناهيك عن مكانتها الفكرية والثقافية والدينية اي القوة الناعمة التي تتمتع بها ما يحعل منها دولة مؤهلة ليكون لها نفوذ وتأثير في المشهد السياسي الاقليمي والدولي بحيث يحسب لها الجميع األف حساب ولا يستطيع أحد أيا كان تجاوز ذلك.‏

أن دور القيادات الوطنية في أي دولة كانت يتمثل في قدرتها على تظهير نقاط قوتها سياسيا واستراتيجيا بحيث تصبح نفوذا وأوراقا تملكها بمواجهة اي تحد يواجهها، وهنا يبرز دور القائد السياسي في ذلك وامتلاكه الارادة السياسية التي تحول تلك الاوراق الى فعل وطاقة وإنجاز يشعر به ويلمسه ويقر به الجميع وهذا هو النجاح السياسي بعينه من هنا يأتي الحديث عن الدور المصري ليس على مستوى الأزمة في سورية وإنما على المستوى العربي والاقليمي بشكل خاص سيما وأن المنطقة تعيش مرحلة تحولات بنيوية وتشكيل خرائط صراع غير معهودة في ظل الاستهداف الذي يواجه دولها وشعوبها وكياناتها - بما فيها مصر - بحكم الاستيقاظ المبكر للقوى المتطرفة والارهابية وما باتت تشكله من تهديد وجودي للكيانات الوطنية القائمة.‏

أن التعويل على اي دور مصري في حل الأزمة في سورية يحتاج الى مقدمات ضرورية تدركها القيادة المصرية ويقتضيها منطق الأشياء وأسس العمل الدبلوماسي، أولها ان تكون مصر على علاقة واضحة ومعلنة مع الدولة السورية وقيادتها السياسية التي هي عنوانها السيادي وصاحبة القرار النهائي في أي عمل او سعي لحل الازمة، وهذا لا يحول دون أن يكون للقيادة المصرية وجهة نظر من الأحداث التي تشهدها سورية او تواصلها مع أي طرف من أطراف المعارضة السورية أيا كان مستوى تمثيلها او درجته وشرعيته واهليته.‏

إن تعامل القيادة المصرية مع طرف من أطراف الأزمة او تبني وجهة نطر له لا يجعل منها قادرة على الاضطلاع بدور بناء في أي توجه نحو حوار سوري سوري او حل سياسي للأزمة، لأن الوساطة في الحل تستدعي التوازن في الموقف والوقوف على مسافة واحدة من الجميع والثقة وحسن النوايا وهو ما لم يحصل حتى الأن على الأقل من الجانب المصري.‏

إن احد أهم أسباب عدم الوصول الى حل سياسي وطني للأزمة في سورية وإطالة أمد الصراع القائم فيها هو العامل الخارجي والمؤثرات الجانبية التي خضعت لها بعض أطراف المعارضة وارتباطها العضوي بمشغليها ومستثمريها وحاضنيها، حيث رأت نفسها بحجومهم وفائض قوتهم المالية والعسكرية والاقتصادية والاعلامية واعتقدت انها بتماهيها الكامل مع اجندتها ستعوض ضعف حيزها الاجتماعي في الداخل السوري وتستثمر في فائض القوة الخارجية ما جعلها ترفع سقف مطالبها وشعاراتها الى درجة الوهم والخيال معتقدة أنها ستحصل بذلك على مزيد من الدعم الخارجي الذي كان هدف اصحابه اسقاط النظام السياسي في سورية وتدمير مرتكزات الدولة بكاملها وهو هدف اسرائيلي أميركي بامتياز.‏

إن تمحور قوى المعارضة اللاوطنيه حول شعارات وأهداف وعناوين أطلقتها في بداية الاحداث في سورية ولم تتخلى عنها او تغادرها، وقد تجاوزها واقع الاحداث وخط سير الأزمة ومعطيات الميدان هو الذي جعلها غير قادرة على أن تكون طرفا مقبولا للحوار السياسي مع السلطة الوطنية السورية التي ترى في معاناة الداخل السوري من الارهاب والعنف والضغوط الاقتصادية والمعيشية أولوية تتقدم على أي رغبات لدول او نزوات لأشخاص مسكونين بهاجس السلطة والنفوذ والتعطش للمسؤولية بعيدا عن الاثمان والكلفة المترتبة على ذلك دما ودمارا ومأس فردية وجماعية.‏

أن الخطوة الأولى لاجتراح اي حل سياسي للأزمة في سورية يقتضي توافر الارادة السياسية الصادقة لدى المعنيين فيه والداخلين على خطوطه ووضع مصالح الشعب السوري في المقام الأول واحترام الارادة الوطنية وتعبيراتها السيادية على كافة المستويات والعقلانية والمنطقية في الطرح بعيدا عن أي عصاب سياسي او ايديولوجي أو نزعات وغرائز شخصية وأحقاد تاريخية عندها تتوفر بيئة ومناخ مناسب يفسح في المجال لدخول مدارات وفضاءات مناسبة لحوار سوري سوري في الشكل والمضمون يجعلنا جميعا على درجة عالية من التفاؤل في الوصول لنهايات سعيدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11398
القراءات: 1110
القراءات: 865
القراءات: 1018
القراءات: 893
القراءات: 959
القراءات: 974
القراءات: 931
القراءات: 999
القراءات: 952
القراءات: 994
القراءات: 928
القراءات: 953
القراءات: 994
القراءات: 1046
القراءات: 1009
القراءات: 1112
القراءات: 1086
القراءات: 1006
القراءات: 1071
القراءات: 1011
القراءات: 1035
القراءات: 1064
القراءات: 1095
القراءات: 1342
القراءات: 1247

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية