إذ بدأ الحديث والد طبقة سائلاً الرجل: تحملني أم أحملك؟ وفي الطريق مروا بزرع فسأل طبقة الرجل: أهذا الزرع مأكول أم؟ وفي نهاية المطاف كانت جنازة رجل ميت, وخرج السؤال الثالث: أحي أم ميت؟
روى الرجل لابنته طبقة ما جرى بينهما في الطريق, فقالت: أما تحملني, يعني: تحدثني أم أحدثك, وعن الزرع فيريد: هل رهنه صاحبه لأمر ما, هل عليه ديون, وعن الرجل الميت: هل ترك أبناء بعده يحييون ذكره؟ وكان ما كان بالبحث عن شن, وغدا المثل: وافق شن طبقة.
أمس مررت بسوق شعبي, كاد الحزن يعصف بي, لا شيء إلا العجز المالي يبدو على الوجوه, الأسعار كاوية كما يقال, لا بيع ولاشراء, ثمة بائع توقفت معه قليلاً,سألته عن البيع, تنهد الرجل وقال محبطاً: لاشيء, أمامي أكوام تفاح بالكاد تؤكل, لم أبع شيئاً, كنت سابقاً كل يوم أجدد بضاعتي مرتين, اليوم نصل المساء ولا نكاد نحصّل ثمن الخبز, الناس (مفلسة) وتاجر الجملة لا يرحم أبداً.
بين ليلة وضحاها ترتفع الأسعار من دون سابق إنذار, المخازن ملأى بكل شيء, لا أحد يرحمنا, المزيد من تكديس الأموال, ومن يهمهم الأمر لا يقدمون إلا كلاماً معسولاً , وعوداً ما أنزل الله بها من سلطان , وليتهم يصمتون ففي الصمت الكثير من البلاغة, ليس منها العجز, لا, أبداً, فهم عندما يريدون يفعلون, لكنهم نائمون في عوالم لا أحد يدري مدارها, أصاب الناس الجوع والقل والحاجة, والجهات التنفيذية التي يجب أن تدير مقدرات البلد وتبحث عن حلول تغض الطرف عن كل شكوى, هم في واد وما يجري في المجتمع بواد آخر.
السوريون الذين صبروا وضحوا, قاوموا, تمسكوا بالوطن والأرض والقيم, يستحقون الكثير الكثير, أبعد من ضجيج وصخب يريده البعض, ومن بلغ ما بلغ في الصبر مداه, كانت اليد المبلسمة لكل الجراح تنتظره, تعرف كيف يكون الفعل والعطاء, وكيف يقدر من هم من طينة النبل والوفاء, مكرمة السيد الرئيس بشار الأسد بزيادة الرواتب كانت البلسم الشافي بتوقيت النصر بكل دلالته, سورية التي حاصرها الأوغاد من الداخل والخارج, تخرج بهية قوية, تجترح الفعل وتثبت أنها فعلاً طائر الفينيق, تنهض وتنهض, وأن للسفينة رباناً يقودها إلى شاطئ الأمان, قد تكون الأمواج عاتية لحين من الزمن, لكن لا خوف, فمن أبحر بها وقادها بأعتى الظروف, وانتصر بشعبها ومعه على قوى الطغيان العالمي, لهو الأمين على زرعنا وحصادنا, ونحن من يؤمن أننا قادرون على الثبات والصمود والفعل, ها هو الزرع ينمو وينضج, واليد الحانية تبلسمه, فيا أيها المعنيون: احرسوا زرعنا, لا تتركوه لقمة سائغة للتجار والمستغلين, هذا دوركم وواجبكم, ومن أجل هذا أنتم حيث أنتم, وإن كنتم قد قصرتم في مرحلة ما, ها هي التجربة من جديد أمامكم, الأيام بيننا, رهان أننا سنحصد الزرع الذي رعته اليد الحانية.