تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية خميلة الإصلاح المنهجيّ

إضــاءات
الاثنين 4-7-2011
خلف علي المفتاح

كثرَ الحديثُ في الآونة الأخيرة عن مفهوم الإصلاح في إشارة إلى ما ظهرَ في منطقتنا العربية من انتفاضات واحتجاجات وغيرها،وتداخلت المفاهيمُ في تحديد المقصود الذي شيبَ بدرجةٍ كبيرة من الغموض،

إلى أن بلغ حدَّ الخلط المتعمَّد أو غير المتعمّد بين الإصلاح ، والتغيير الجذريِّ في بنية السلطة على ما بين المفهومين من مسافة تمتدّ عبر الزمان والمكان.‏‏

فالإصلاح بادئ ذي بدءٍ ينصبّ على ما هو قائم نتيجة قناعة عميقة بعدم تركه على الحالة التي وجِد عليها قبل حينٍ من الزمن، وهذه القناعة تكون المحرّك الأساسيّ والدافع المباشر في العمل الحثيث على تطويره، وكلمة التطوير تعني النقل من طورٍ إلى طورٍ، وبمعنى أدقّ من حالة إلى حالة، فهناك حركة يجب أن تستشرف الجهة الأماميّة لا الخلفيّة في سيرها وانتقالها من موضعها، وإلاّ انتفت الفائدة المرجوّة من الحركة.‏‏

على أنّ الشرط الأساسيّ أن يكون منتَج هذه الحركة إيجابياً تجديده على نحوٍ يتناسب مع التطور الحاصل في بنية المجتمع واحتياجاته وقواه الحيّة ورغبته في الوصول إلى بيئةٍ سياسيّةٍ واقتصاديّة وفكرية وخدمية يحكم متلقّيها، وهو هنا الجمهور بشرائحه كلّها بأنها بيئة تتقدّم على البيئة التي سادت قبل الحركة.‏‏

وهو بهذا المعنى يأتي في سياق طبيعي للحراك المجتمعيّ وتفاعل السلطة إيجابياً مع مندرجاته، وهذا التفاعل البعيد عن الانفعال هو الوقود الخلاّق الذي يمدُّ السلطةَ بالقدرة على مراجعة مسارها التنمويِّ، مع امتلاك الشجاعة الكافية لنقده للوصول إلى الحالةِ المثلى قدْرَ المستطاعِ، إضافةً إلى تحلّي السلطةِ بصفة المرونة، الأمرُ الذي يمنحها البوصلة الدقيقة التي تمكّنها من تحديد الاتجاه الصّوابِ للمضيّ فيه في سلوكِ مسار التجديد عبر سياقٍ زمنيٍّ محدّد، يضعُ في سلّمِ أولويّاتهِ إعادة ترميم ما يحتاج إلى ذلك، والانتقال في الخطوة التالية إلى تجديد الأوضاع القائمة عبر استثمارٍ علميٍّ رشيدٍ للطاقات والإمكانات المتاحة، يأخذ بعينِ الاعتبار ضرورةَ حسن التعامل مع الرأسمال الاجتماعيِّ، وهذا يحتاج بالدرجة الأولى لبناء مؤسسيٍّ يؤمن بالإصلاح أولاً، وعقلية متجددة تقبل على فكرة التطوير وتستوعبها، وتمتلك إمكانيةَ الانخراط العمليّ فيها.‏‏

ولعل ما يهمّنا في قضية الإصلاح المتعلقة بالشأن السوري وهو ما طفا على السطح متناغماً مع الحراك الشعبيِّ أخيراً, تأكيدُ أنّ الإصلاحَ في بلدنا أخذ الشكل المنهجيَّ، ومادام قد اختار التربة الملائمة لنبات أشجاره، فالطموح مشروع بسرعة نضج ثمرات هذه الأشجار، ويستند تفاؤلنا إلى إدراك القيادة السياسيّة في سورية لأهميّة اختيار البيئة المناسبة لتنبت عمليّة الإصلاح وتتفتّح أزهارها بعيداً عن الانفعال والارتجال والتخبّط.‏‏

فالسيد الرئيس بشار الأسد قدّم مشروعاً سياسياً واقتصادياً وفكرياً واجتماعياً متكاملاً، وأهمّ ما في هذا المشروع أنه لم يكن وليد اللحظة التي وجدت فيها القيادة السياسيّة نفسها تتعامل مع ظرفٍ جديدٍ حمل كمّاً من المفاجآت على الصعيدين الداخليِّ والخارجيّ، وإلاّ كان هناك شيء من الخوف أن يكون هذا المشروع نوعاً من ردّة الفعل السريعة الذي فرضه سياق الأحداث، بل إنّ أهميّة المشروع تكمن في كونه قد نضج على نارٍ هادئة ، لأنّ التحضير له بدأ من الأيّّام الأولى لاختيار الشعب السيّدَ الرئيس ربّاناً أميناً لسفينة الوطن والمواطنين.‏‏

وقد وضحتْ خطوط هذا المشروع في خطاب القسَم الأول، ولاحت مكوناته وفلسفته لاحقاً في الكلمات التي ألقيتْ في مؤتمرات الحزب،وافتتاح الأدوارِ التشريعية لمجلس الشعبِ، ولإلقاء نظرة على ذلك المسار يمكننا القول : إنّ السيد الرئيس انطلق من رؤيته للإصلاح من توصيفه وبدقّة بأنه عملية متكاملة وضرورية يساهم فيها المجتمعُ عبر أفراده والدولة من خلال مؤسساتها، وتسير عبر اتجاهين من قاعدة الهرم إلى قمّته وبالعكس، فإذا أهملت وظيفة من في القاعدة انعكس ذلك على من هو في القمّة، وإذا شذَّ من في القمة أساء من في القاعدة بمعنى أنه عملية تفاعلية ذات بنية داخلية محضة شديدة التماسك، وإضافة إلى هذا البعد الحديّ لعملية الإصلاحِ ثمّة عنصرٌ أساسيٌّ وفاعل أشار إليه سيادته يتعلق أساساً بالبنى الثقافية والاجتماعية السائدة، مبيناً أنّ أي أفكار إصلاحية تُطرح لا بدّ من أن تُتبَعَ بتفاعل إيجابيّ يرافقها؛ تقوم به مكوّنات المجتمع، وعلى درجة تفاعلها مع تلك الأفكار الجديدة تخفق العملية أو تنجح، ولعلّ ما يحدد درجة ومستوى النجاح هو طبيعة ذلك التفاعل هل هو وظيفي أم إبداعيٌّ، وهذا يتوقف على مستوى تأهيل ومهارة القائمين على تلك المؤسسات وشعورهم بالمسؤولية.‏‏

إنّ المتابع للشأن السوري بشكل موضوعي يدرك حجم الإصلاحات التي تحققت خلال الفترة الأخيرة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية، وفي إطار تحسين الشروط الوطنية المتعلقة ببنية الدولة ومؤسساتها باتجاه تعميق الممارسة الديمقراطية، والاتجاه نحو دولة أكثر مدنية.‏‏

وهنا تجدر الإشارةُ إلى حرص السيد الرئيس بشار الأسد على الاستفادة من تجارب الدولِ الأخرى في هذا الاتجاه وخاصة ما تعلق منها بحرية الإعلامِ والانفتاح الاقتصاديِّ، وتشكيل أحزابٍ سياسية لتوسيع التشارك السياسيّ على المستوى الوطنيّ..‏‏

لقد تحولت الحكومة الجديدة خليّة نحلٍ تدأبُ لتنفيذ بنودِ برنامج إصلاحيٍّ واسع يتعلق بتحسين الوضع المعيشيِّ للمواطنين وتمثل ذلك بزيادة الرواتب والأجور وإيجاد وظائفَ جديدةٍ تستوعب الطاقات الشابة الداخلة إلى سوق العمل وتثبيت العاملين المؤقتين في الدولة، إضافة إلى منحِ امتيازات واسعة للاستثمار الخارجيِّ في السوق السورية الواعدة،وكذلك منح امتيازات تفضيلية للمصدرين والمستوردين من دول الجوار الإقليميّ، وسورية كانت وتبقى واحة استثمار قادرة على جذب المستثمرين العرب والأجانب بما تملكه من ميّزات تشدّهم إليها.‏‏

إنّ سورية الحديثة هي خميلة الإصلاحِ المنهجيّ وقد انطلقتْ بخطوات واثقة في طريق الوصول بشكلٍ حاسمٍ إلى أفق الديمقراطية الرحيبِ وفق خصوصيتها، ولا شك في أنّ ذلك الأمر يحتاج إلى أفقٍ زمنيٍّ وبيئة حاضنة ومشاركة حقيقية من جميع القوى والفعّاليات السياسية، والشعب السوريّ المؤمن بوطنه وقائده قادرٌ على صهر الزمن واختصار المدّة، حرصاً منه على بناء سورية الغد المشرق التي تستوعبُ أبناءَها كلّهم، وتفسح المجالَ أمامهم لبناء وطن الحقّ والخير والأمان khalaf.almuftah@gmail.com ">والازدهار.‏‏

khalaf.almuftah@gmail.com ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 910
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية