في الحقبات الماضية التي تلت مرحلة الثورات ضد الاستعمار في الوطن العربي, والعدوان الثلاثي على مصر, واستقلال الجزائر, انتقلت أوروبا (فرنسا بشكل خاص) إلى موقف حصيف الى حد ما من القضايا العربية. ونادراً ما وصلت دولة أوروبية الى المستوى الراهن من احتقار واضطهاد الحقوق العربية.. (معرض الكتاب في باريس - انشغال الرئيس ساركوزي المستمر بالأمن الاسرائيلي, وليس بأمن المنطقة - تصريحات السيدة ميركل وخطبها في فلسطين المحتلة ..تصريحات خافيير سولانا... إلخ ..) لقد قفزت أوروبا من فوق كل الآلام العربية لتبارك لإسرائيل سلوكها غير ا لطبيعي مع بعض العتب ا لخجول الذي صدر من هنا أو هناك بشأن (محرقة) غزة ونشر الاستيطان,هذا كله يجعل العرب أمام مسؤولية إعادة أوروبا الى الهدوء والالتزام بالحياد والعدالة.. بحيث يتريث أي زعيم أوروبي قبل أن يطلق تصريحات مناوئه للعرب تصل حدود العداء المعلن, ولاننتظر شارل ديغول آخر..
أميركا مقاتل بلباس ا لميدان ا لدائم الكامل, من أجل أمن اسرائيل..بريطانيا إلى حد ما كذلك وبحكم تشابه المواقف مع أمريكا..فرنسا كذلك همّها الأول أمن إسرائيل كما عبر غير مرة الرئيس ساركوزي..ألمانيا تريد أن تعوض لليهود من حساب الدم العربي.. الاتحادالاوروبي .. أمن إسرائيل قبل كل شيء.?!
من سيتحدث عن أمن العرب..?!
هل إن استشهادياً يفجر نفسه, أو صاروخاً محدود الأثر والمدى, يتحدى أمن إسرائيل بما يتطلب التضامن الغربي النشط .. بينما احتلال إسرائيل للأراضي العربية .. وعشرات آلاف الأسرى في سجونها .. والاعتداءات المتكررة على فلسطين ولبنان وسورية .. وآلة القتل اليومية في قطاع غزة والضفة الغربية .. لا يتحدى أمن العرب..?!
إنها مسؤوليتنا التاريخية, أن نتوقف عن هذا التراخي أمام السياسة الأميركية والتماهي الأوروبي في العداء للعرب .. وهذا لا يقتضي أبداً إعلان الحروب أو أي شكل من أشكال الأعمال المسلحة .. لأوروبا مصالح لا تنتهي عندنا .. ومن أجل أوروبا, من أجل العلاقات العربية الأوروبية .. من أجل العرب نحتاج التضامن العربي.
سنسهل على أوروبا وعلى العالم, الخيارات الصحيحة واعتدال المواقف والتوازن فيها, بأن نكون عرباً متضامنين.
قمة دمشق ستكون فضاء رحباً لمشروع تضامني .. القمة العربية بالأصل هذه غايتها الأولى .. فكيف كانت قمة في دمشق, التي ماحنثت يوماً مع عربي, من ثورة الجزائر إلى ثورة عدن ضد الاستعمارالبريطاني إلى العدوان الثلاثي على مصر, إلى احتلال الكويت.. ثم احتلال العراق.
التضامن العربي لا يتراجع.. ولايتفكك, إلا حيث تكون مصالح غير عربية ممثلة في النشاط الجاري.. وأي شكل من أشكال التفرقة بين البلدان العربية أو داخل البلد الواحد (لبنان مثلاً) ناجم عن تمثل مصالح غير عربية.. وبشكل خاص أميركية .. فأميركا لم تعد تخفي عداءها للتضامن العربي والمبادرات العربية والقمة العربية.
التحدي الذي يواجه العرب, وهم على أبواب قمة دمشق لا يتحدى قطراً دون آخر.. فالتجاوزات التي تأخذ طابع الضغط على سورية أو على بنادق المقاومة أو على كل قوى الممانعة في المنطقة.. لن ينجو منها أحد.. فكلما عاد قادة عرب إلى شعوبهم وبلدانهم من أجل فسحة تفهّم لما يجري, وموقف منه, ستكون التوصيفات والتجاوزات جاهزة لتشمل الجميع..
وقد تعرّض لها الجميع.. لكن بمستويات مختلفة.. من أجل ذلك لابد أن يأمل كل العرب أن تكون قمة دمشق, قمة للتضامن العربي.