الذي توجته أقلام الزملاء وسهرهم واجتهادهم يسابقون الزمن ويتفوقون على صعوباته في مسيرة من التحدي الجميل التي شكلت بمجملها اسم الصحيفة وتاريخها الموشح بالنجاح والعذابات العذبة.
خمسون شمعة حملت في دلالاتها الكثير من الصور التي لخصتها مجموعة من الثوابت حافظت عليها وما تجاوزتها فهي نهلت حبرها القاني من عرق العاملين فيها ومن لون جباههم وشحت صفحاتها، لتعود بنا الذاكرة إلى الوراء، لتلك الأيام التي مثلت بداياتها الأولى، حيث رائحة الرصاص المنبعثة من آلات الطباعة البدائية تنضد حروف الكلمات حرفاً حرفاً وتطلق أبخرتها في هواء المطبعة.. هناك الكل كان يجتهد ويعمل غير مكترث بما تحمله تلك الأبخرة من مخاطر على صحته العامة، كان هم الجميع أن يصيح ديك الصباح السوري والصحيفة بين يدي قرائها..
انتهت تلك المرحلة التي لم تدم كثيراً لتنطلق معها الصحيفة تطوراً في الشكل والمضمون مع دخول التقنيات الحديثة لكافة مفاصل العمل. هناك اختزلت المسافات والزمن وصارت الصحيفة إضافة مهمة لمتابعيها تفتح صفحاتها للمبدعين من أبناء الوطن وللكتاب الوطنيين العرب ودخلت إليها الترجمات وتنوعت محطاتها وأبوابها وزواياها وتعددت تخصصاتها وتشعبت في شكل إداري جديد يناسب مرحلة التطور ويتطلع لاستيعاب حاجات التوسع المستقبلي.
خمسون عاماً كان لنا مع ثلثيها محطات من عمرنا وزهوة الشباب، تغيرنا لكن ثوابت الصحيفة ما تغيرت بل زادت تماسكاً ووضوحاً في انحيازها الواضح للوطن وسيادته وكرامته ووحدته.. في انحيازها لمطالب الناس وهمومهم حيث استحقت بجدارة أن تكون صحيفة البناء الداخلي لسنوات طويلة وسعتها لتصبح ذاكرة الوطن المتجددة.
خمسون شمعة ووردة لكل جهد طيب بذله من سبقنا على طريق مهنة المتاعب، تشكل عقداً من العطاءات تتوج صدر شبابنا الوطني وهم يواصلون مسيرة حمل راية الكلمة الصادقة التي ما خشيت قول الحق في وجه أي مرتكب أو فاسد مهما كانت المظلات التي يعمل تحتها، ولم تتوقف فيها الأقلام المسؤولة عن الوفاء لقدسية المهنة وتقاليدها الصحيحة ولم تتوقف ولن تتوقف بعدها جذوة العطاء.. كل عام ولصحيفة الثورة «الوطن والناس» كل الأماني بمواصلة المسيرة ومنا باقة ورد وتحية لكل من يستحق.