تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خطأ الجيولوجيا.. وخطأ السياسة!

معاً على الطريق
الثلاثاء 2-7-2013
خالد الأشهب

ذات صيف، منذ خمس أو ست سنوات، وفي مطعم بلوداني شهير تنساب من إحدى جنباته مياه نبع صغير عذب، وضع نادل المطعم أمام عائلتي قارورة ماء مبرد.. لفتني عنوانها الصناعي غير المتداول في بلدنا.. ثم لأكتشف أنها مستوردة من السعودية وتوزع وتباع بشكل نظامي في سورية !!

ماء شفة من إنتاج سعودي في بلودان السورية والمرتفعة 1800 متر فوق سطح البحر.. أمر غريب ومستهجن، ولكن لماذا؟ ومن أين للسعودية ماء ينابيع عذبة تعبئه وتغلفه وتصدره ؟ وإذا جاز ذلك لها.. فكيف جاز لتاجر سوري ولجهات رسمية سورية أن تتجرأ على استبدال ماء بقين والفيجة وبردى والدريكيش وغيرها الكثير الكثير من ينابيع بلادنا بماء البحر السعودي المحلى؟؟‏

ثمة من يتحدث اليوم عن سورية ما بعد الأزمة، بعض الحديث يأخذ شكل من صحا فجأة على زلزال داهمنا كالقدر المكتوب، الذي لا رادّ له ولا مذنب فيه، فأحال ما بنيناه ركاماً وعلينا أن نستأنف أنشطة البناء والتعمير.. وهذا مذهب قدري في التفكير، بسيط وعاطفي وساذج، مستعد لتقبل الكارثة دون السؤال عمن تسبب بها أو بجزء منها، ثم التضحية والبدء من جديد على طريقة «عفا الله عما مضى « وكما لو أن خطأ عفوياً غير مقصود أو رعونة طائشة كانت وراء ما جرى !‏

والبعض الثاني من الحديث يأخذ هيئة من وقع في الفخ، فأخذ ينادي ويستغيث العون بأي شكل وممن كان.. حتى ولو كان العون قروضاً دولية «سخية وميسرة « على غير العادة.. بدأت أخبار تسريباتها تتوارد هنا وهناك، فيما أشباحها وأخيلة سماسرتها تظهر بين الفينة والفينة كمتطوعين وخبراء أفذاذ لا يشق لهم غبار في علوم الاقتصاد وحل مشكلاته.. أنقياء الأكف والقلوب والسرائر أو كما لو أنهم كذلك.. وسوبر نيوليبراليون وبما يعجز أميركا عن استنساخهم أو إنتاج أمثالهم!‏

والبعض الثالث من الحديث يأخذ شكل امتحان لا بد منه للولوج إلى سورية ما بعد الأزمة، حيث لا إجابات دون أسئلة.. وحيث محاكمة النتائج تعني بالضرورة محاكمة المقدمات، وأجزم أن أطراف هذا الحديث ينبغي لها أن تتعالى وتصدح وتصم آذان كل أولئك الطرشان بإرادتهم، الذين كانوا.. ولازال بعضهم حتى اليوم يريدون منا مواصلة بناء انتمائنا الوطني على أكداس من قصائد المديح والهجاء.. وعبر إيقاعات « الدبكة والدبيكة «!‏

ليس شأناً عابراً أبداً أن يُقدَّم للسوري في سورية ماء بحريٌ سعوديٌ محلى ومستورد، وإذا كان ثمة خطأ جيولوجي تسبب في تموضع تجاويف النفط في الجزيرة العربية كما رأى هنري كيسنجر ساخراً منذ سنوات طويلة.. فأي سخرية من خطأ سياسي تسبب يوماً بتسويق الماء البحري السعودي المحلى في أسواق سورية؟؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2201
القراءات: 2102
القراءات: 2524
القراءات: 2481
القراءات: 2255
القراءات: 2623
القراءات: 2569
القراءات: 2504
القراءات: 2274
القراءات: 2598
القراءات: 2809
القراءات: 2701
القراءات: 2402
القراءات: 2862
القراءات: 2930
القراءات: 3012
القراءات: 2794
القراءات: 3170
القراءات: 3122
القراءات: 3227
القراءات: 2625
القراءات: 3093
القراءات: 3580
القراءات: 3342
القراءات: 3399

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية