« بلاد الشام « .. باتت على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وقائمة التراث المعرض للخطر والذي ينبغي الحفاظ عليه , وبإجماع عالمي لم تخترقه سوى إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ... ابتهج الفلسطينيون واكتأب الإسرائيليون .. وانزعجت أميركا وأسفت لقرار اليونسكو !
أعرف جيدا لماذا ابتهج الفلسطينيون , وأعرف جيدا أيضا لماذا اكتأب الإسرائيليون , لكنني لا اعرف أبدا ولا أريد أن اعرف لماذا أسف الأميركيون وانزعجوا وضاق صدرهم , ولماذا رفضوا ضم الكنيسة إلى قائمة التراث العالمي لحمايتها من الخطر .. وهم كما يدعون مسيحيون محافظون , ومتحضرون مثقفون وإنسانيون مرهفوا الحس والضمير !!
قبل عشر سنوات من اليوم دمر المتطرفون المسلمون الأفغان « طالبان « تماثيل بوذا الضخمة والشهيرة والرائعة في منطقة باميان بأفغانستان , عتب العالم وتألم من اجل التماثيل المحطمة ووصف الأميركيون حينذاك الفاعلين بأقذع الأوصاف , منها مثلا أنهم همجيون جهلة وبدائيون متخلفون ومتطرفون قتلة .
ومنذ عشرات السنين , وبالذات منذ العام 1967 يحفر الإسرائيليون سرا , وبخبث ولؤم أشد وطأة من غباء طالبان وهمجيتها , ودون وسائل إعلام وعدسات تصوير .. يحفرون أنفاقا وخنادق تحت المسجد الأقصى وجدرانه وأركانه بانتظار هزة أرضية طبيعية خفيفة أو مصنعة, تحيل المسجد ركاما وأثرا بعد عين , ودون أن يرف للأميركيين جفن أو تعتلج في صدورهم إنسانية .. ولماذا يفعلون ذلك إذا كانوا يريدون لكنيسة المهد مستقبلا المصير الذي يريده الإسرائيليون للمسجد الأقصى اليوم ؟
ومنذ خمسة عشر شهرا يذرف قادة أميركا الدموع مدرارا , ويعتصر قلوبهم الحزن والأسى على حرية السوريين المكبلة وديمقراطيتهم المضيعة , ومثلهم أتباعهم من التقاة الأطهار الورعين الجوالين بين افغانستان وإسرائيل والخليج وليبيا وتونس وغيرها . يذرفون الدموع ويتسللون .. ويسفكون دماء السوريين !
التطرف هو التطرف ... أعمى وهمجي ومدمر ولا إنساني , حتى لو بدا بدائياً همجياً في إسلام أفغانستان , أو ناعماً مسلفناً لماعاً في مسيحية أميركا , أو خبيثاً ساماً ولئيماً في يهودية إسرائيل