وقد بدا ذلك واضحا من خلال ما نقل من أخبار عن معطيات الجلسة الأولى للحكومة التي ترأسها الدكتور رياض حجاب رئيس مجلس الوزراء وتأكيداته أن الأزمة الراهنة تحتاج إلى عمل استثنائي وميداني وتواصل يومي مع المواطنين والاستماع إلى مطالبهم والاستجابة لاحتياجاتهم الأساسية واليومية، مشيراً إلى أن عمل الحكومة يجب أن ينطلق من ذلك لبناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة وتعزيز الشعور الوطني والمناعة الوطنية.
هذا الكلام على ما فيه من أهمية يلتقي مباشرة مع رغبات كل مواطن شريف، قاسى الأمرين من بعض الممارسات التي شكلت حاجزا عاليا بينه وبين الأداء الحكومي خلال فترات سابقة، تمثلت بنمو حالة من التردي العام خلقت مناخات خصبة لنمو الفساد والفاسدين والمفسدين في ظل غياب المحاسبة وانتشار المحسوبية.
المواطن العادي الذي أرهقته مثل هذه الممارسات التي تعبر عن هوية أصحابها وتفكيرهم المحدود، يضع اليوم الكثير من الأماني على مستويات الأداء الحكومي بشكل عام، وهو يتطلع إلى إجراءات حاسمة بحق من تاجروا بلقمة الناس وانتهزوا حاجة البلاد والمواطنين إلى الكثير من السلع والمواد الأساسية، فأطلقوا العنان لجشعهم ونفوسهم المريضة تتحكم بالأسعار وتحتكر السلع والمواد خدمة لأغراض دنيئة، كل ذلك في وقت سمع فيه الناس حديثا عن قوائم سوداء تفضح ممارسات المحتكرين تمهيداً لمحاسبتهم لكن الوقت مضى ولم يصدر شيء.
ما يريده الناس ليس معقداً ولا مستحيلاً، فهم يطالبون بمعاقبة سارقي قوتهم وفرحتهم، ومستغلي ظروفهم وحاجاتهم، يريدون حكومة تلبي طموحاتهم وتعمل لتحقيق برامجها دون حواجز، وبتشاركية مميزة معهم بالقول وليس بالتصريحات الطنانة، يريدون فعلاً على الأرض يعزز لديهم جسور الثقة.. يريدون مسؤولاً يكاشفهم بحقيقة الأمر ويشاركهم باستنباط الحلول واعتماد المبادرات الخلاقة في وطن يحتاج من أبنائه للكثير.
المعطيات الأولية أشارت بوضوح إلى الجدية في المحاسبة التي ستطال الجميع دون استثناء، والأيام القليلة القادمة ستشهد إطلاق تقييم جديد وحقيقي للقائمين على مفاصل العمل والمهام في مختلف المؤسسات والوزارات، بهدف الدفع بالعمل المؤسساتي نحو الأفضل واستكمال عملية الإصلاح الاقتصادي والإداري المتمثلة بمكافحة الفساد وتنمية الموارد، وبنظرة متفائلة نأمل أن يكون ذلك بداية موفقة والجميع بانتظار النتائج.