هي أن أولوياتها متشابهة وتكاد تكون صورة طبق الأصل وهذا لا يعني فقط عدم الاختلاف في الرؤى والأساليب لكل حكومة ولكل وزير وليس مجرد الافتقار إلى مؤشرات واضحة تدلل على الابتكار وتجاوز العمل الوظيفي التقليدي وإنما جوهر المشكلة وأصل الحكاية في هذا التشابه والتكرار في الأولويات التي تعلن عنها الحكومات المتعاقبة هو أنها لم تستطع أن تنفذ ما أعلنت عنه وما حددته في أولويات عملها وإلا لماذا تتكرر؟.
من هنا نرى أنه مع بداية عمل الحكومة الجديدة لابد من تجاوز قضية أساسية مزمنة وهي الأولويات والشعارات والأهداف والتوصيات المتراكمة دفعة واحدة وهذه بالمناسبة نقطة ضعف كبيرة تعاني منها مؤسساتنا واجتماعاتنا ومؤتمراتنا عندما يتم طرح القضايا والمتطلبات بطريقة ( الدوكمة ) وبالتالي يصعب تنفيذها كلها دفعة واحدة في حين يجب أن تكون الأولويات محددة وفقاً لزمن تنفيذها والإمكانيات المتوفرة حتى إذا كانت بنداً واحداً يكون قابلاً للتنفيذ ويحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع ثم ننتقل إلى غيره أفضل بكثير من الأهداف والأولويات التي تطرح بالجملة بحيث تختلط محاربة الفساد مع أزمات المازوت والغاز والإصلاح الإداري والاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين وتظل حبراً على ورق .
نأخذ مثالاً واحداً من الأمثلة الكثيرة عن أولويات الحكومات السابقة التي كانت تضع مكافحة الفساد في صدارة اهتمامها نظرياً لكن السؤال هنا : ماذا فعلت وإلى أين وصلت في تطوير آلية الرقابة والحد من انتشار الفساد في مفاصل العمل الحكومي؟.
وهل أنتجت آليات مناسبة ومؤثرة لمكافحة الفساد وهل استطاعت أن تنجز شيئاً في موضوع الكسب غير المشروع, ولا سيما من قبل ذوي المناصب والمسؤوليات وهل قدمت لنا نتائج ومؤشرات واضحة تدلل على انجاز خطوات حكومية واضحة؟.
ثم لماذا يبقى كل ما يعلن عنه من أهداف وشعارات وأولويات ضمن دائرة التنظير ولا يظهر منها إلى النور أي شيء .
من هنا يبدو السؤال مشروعاً اليوم عن آلية عمل الحكومة الجديدة لجهة الأولويات التي ستعلن عنها وتبدأ بتنفيذها : هل ننتقل من التنظير إلى الممارسة والتنفيذ أم يستمر مسلسل الأولويات مجرد صورة طبق الأصل. ؟!
younesgg@hotmail.com