مازالت قصيدة «غونتر غراس»-ما ينبغي أن يقال- التي تدين (اسرائيل), تلاحقه بتهمة معاداة السامية, أما التركية «أليف شفق» فقد مثلت أمام المحكمة في استنبول عام 2006 بتهمة «إهانة الهوية الوطنية» حين تعرضت في روايتها «لقيط استنبول» للمجزرة التي ارتكبها الأتراك بحق الأرمن في القرن الماضي, ويمكن هنا التذكير بمصير الصحفي «حرانت ضنك» الذي اغتيل للسبب نفسه، كما اضطر «أورهان باموق»، الروائي التركي الفائز بجائزة نوبل للأدب، إلى قطع جولة له في ألمانيا على خلفية تهديدات مماثلة.
لن نتوقف إن أردنا الاستشهاد بمن تعرض من الكتّاب للتهديد والنفي بسبب مواقف تتفق مع ضميرهم, وتعيد كتابة الوقائع بمنظور آخر غير منظور التاريخ الرسمي.. هل ننسى فرج فودة, ونصر حامد أبو زيد, ونوال السعداوي وغيرهم..... بين أن يحتفظ الكاتب باحترامه لقناعاته, وإخلاصه لموقعه كضمير للشعب, وكونه صوت من لا صوت له, وبين الخوف على الحياة أو الحرمان من الحرية أو من أرض الوطن ما عساه يفعل؟!
أستعير عنوان غونتر غراس «ما ينبغي أن يقال» لأقول إن الكاتب في النهاية لن يختار سوى الأرض التي يقف عليها ثابتاً راسخاً, ولن يخلص سوى لضميره وقلمه ولأصوات الناس المعلقةِ أمانةً في عنق كلماته.
أذكر ما قاله الشاعر النيجيري الحائز جائزة نوبل للأدب عام 1986 «وول سوينكا» - الذي تعرض للنفي القسري من بلاده مرات عدة: «يتوق العالم للعيش في سلام، لكن شهوات مثل السلطة، والنزوع إلى الديكتاتورية، تحجب حقيقة كلمات جميلة نتفوه بها جميعاً بلغات مختلفة، لكن الكثيرين منا لا يتمثلها تماماً مثل السلام عليكم».
suzan_ib@yahoo.com