ومع ذلك لا يمكن فهم دعوته العرب لحسن نية أخرى إلا في الإطار ذاته التي وظفت حسن نواياهم السابقة سواء كان يعي ذلك أم لم يعه، خصوصا حين يكون المقابل الرد على خطوة إسرائيلية لم تتم ولم يستغرق نفيها إسرائيليا وعلى لسان نتنياهو أكثر من بضع دقائق من إعلانها أميركيا.
لكن ما يدركه الرئيس اوباما جيدا أن ما يطالب به ليس عدلا ولا يصنع سلاما، بل في الكثير من تجلياته التفاف على جوهر السلام، والأخطر أنه التفاف على المبادرة العربية، واستباق غير مقبول لخطواتها وتراتبية العمل وفقها.
وما يدركه أيضا أن التركيز عليه في هذه المرحلة يثير أسئلة ويضع علامات استفهام كبرى، بل يضع الجهد الأميركي برمته في خانة الشك والريبة، حين يتمخض بعد أشهر بهذه الحصيلة الهزيلة الباحثة عن وسيلة تكافئ إسرائيل على تطرفها وتصعيدها.
الأخطر أن يكون هذا كله الحصيلة النهائية للجهد الأميركي وأن تكون الرؤية الأميركية عبارة عن تلك الخلاصة التي أطلقها الرئيس أوباما في مطالبته بحسن نية على خطوة لم تتم وعلى إجراء تم نفيه إسرائيليا.
معادلة يجب ألا تغيب عن بال أحد من العرب، وألا أحد يتوهم أن ما يقدم أميركيا ليس أكثر من صيغة هي أقرب إلى ما يريده الإسرائيليون إن لم تكن أكثر من ذلك.
والأهم أنه ليس هناك من هو مفوض بأن يقدم على ما لا يحق له ولو كان يتوهم غير ذلك، خصوصا أن تجارب التاريخ ودروس الماضي قريبه وبعيده تؤكد تلك الحقيقة، وبالتالي فالحديث عن استعداد هنا أو تفكير هناك ، وحتى دراسة لا تغير في واقع الأمر شيئا بل على العكس تزيد الأمر سوءا. ومن يشكك يستطيع أن يقرأ تصريحات ومواقف ثلاثي حكومة نتنياهو، وهي تضع اشتراطاتها على رؤية الرئيس أوباما، وكيف تستبقها بإطلاق النار قبل أن تبصر النور.