ولضرورة التعاطي مع هذا الحضور كحاجة لا بد منها ولا يمكن تجاهلها بالنسبة لأي جهة ترتبط مصالحها السياسية أو الاقتصادية أو حتى الثقافية بالمنطقة العربية ومحيطها الإقليمي .
غير أن الجانب الإيجابي في هذا الإدراك المتزايد والثمار المأمول جنيها منه في نهاية المطاف لا ينبغي أن يتوقف عند حدود الإيقاع السياسي الذي تتوهم بعض تلك الجهات أن مشكلات المنطقة تفرضه ولا مناص منه, كالتطرف الإسرائيلي الذي يفرض إيقاعاً سياسياً رتيباً بطيئاً ومملاً وغير ذي جدوى للتقدم باتجاه السلام, وبالتالي, يعطل مبادرة الأطراف الأميركية والأوروبية نحو الدخول في عمق مشكلات المنطقة والتعاطي الجاد والمثمر معها .
إن مجرد اكتشاف الأهمية والحضور السياسي لسورية أو إعادة اكتشافهما والاعتراف بوجودهما الفاعل لا يعني استواء وعافية علاقات أميركا وأوروبا بالمنطقة العربية ومحيطها الإقليمي.. إن لم يتزامن ويتوازى مع انتهاج سياسات جديدة وجادة في آن معاً تجاهها عامة وتجاه سورية بشكل خاص, سياسات تقوم أولا على أساس الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة كما عبر السيد الرئيس بشار الأسد غير مرة, وكما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الدولية في مرحلة ما بعد الفوضى المدمرة والدامية التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الماضية جراء ما عانته من سياسات الخارج الحمقاء, وأمام الولايات المتحدة وأوروبا سجل حافل بمثل هذه السياسات .
إن الكثير الكثير من نيات التغيير ومن الاعترافات بوجود الآخر وحضوره تحتاج إلى التفعيل, وإلى تحويل القول إلى فعل وممارسة وسلوك, ودون أن يرتهن ذلك للتطرف والمزاجية العنصرية الإسرائيلية, التي لن تتورع عن تخريب أي نية أو اعتراف أو حتى فعل وسلوك, والتفعيل لا يعني المستوى السياسي وحده بل يتوازى ويتساوق مع المستويات الاقتصادية والثقافية وغير ذلك.
ثمة وقت للمجاملات والتشريفات وقد انتهى أو قارب الانتهاء, وقد حان وقت ترجمتها وتحويلها إلى أفعال وسلوك!