فنراه يمارس أسوأ أنواع الازدواجية في تطبيق المعايير هنا، ونراه يتدخل هناك ويغزو البلدان ويقتل الشعوب باسم حقوق الانسان والدفاع عن كرامته وحياته ونراه يكذب ويضلل ويخترع ويزوّر عندما تتعلق الأمور بمصالحه الاستراتيجية .
وحتى لايقال إن الاتهام للغرب بدون منهج فإن الدلائل أكثر من أن تعد وتحصى ،فهاهي الدول الاستعمارية ذات التاريخ السيىءالصيت وفي مقدمتها أميركا وفرنسا تتحرك في أواخر عام 2013 ضد العديد من الدول باسم حقوق الانسان وهي التي تركت الكيان الاسرائيلي ينتهك هذه الحقوق ويدوس على الشرعية الدولية طوال ستة عقود ونيف من الزمن دون أن تحرك ساكناً أو يعذبهاضميرها الميت أساساً في سراديب المصالح والأهواء والسياسات .
وللتو فقط أخذت الحمية بالرئيس الأميركي باراك أوباما ولوح بالتدخل العسكري في جنوب السودان ليحافظ على مصالح أميركا هناك ،وربما لأن العام 2013 وكل سنوات ولايته لم تشف غليل تدخله بدءاً من أفغانستان التي لايزال يتخبط في جبالها وليس انتهاءً بسورية التي فشل فيها وذهبت أحلام تدخله العسكري أدراج الرياح .
وللتو فقط استعادت باريس سمعتها الاستعمارية التي دمرت الجزائر وكل دول افريقيا وقتلت الملايين هناك فتدخلت في مالي تحت مظلة الأمم المتحدة وبقرار من مجلس الأمن الدولي ، والخطوة ذاتها كررتها في افريقيا الوسطى والذريعة جاهزة على الدوام وهي مكافحة الارهاب والدفاع عن حقوق الانسان في حين يعرف القاصي والداني أن الثروات والنفط في مقدمتها هي السبب الجوهري وراء مايجري .
وإذا استمر هؤلاء في سياساتهم الاستعمارية في العام القادم كما فعلوا في العام الماضي والذي قبله والسنوات والعقود الماضية فإن العالم سيظل يتخبط ويعاني من الفوضى الخلاقة التي اخترعوها ومن عدم الأمن والاستقرار وستظل منطقتنا العربية مشتعلة بسبب أنانيتهم وغطرستهم وجشع شركاتهم الاحتكارية !!