وأن اجد فرصة لتفاؤل ما حتى ولو حلم يقظة! كل الجهود لصناعة حلم من هذا المستوى يبددها مشهد واحد يطالعني ويقذف في وجهي بأنقاض أحلام و رؤى و مواعيد.
رفضت روحي البكاء... وتركتني بغصة لا تُبلع ولاتخرج ولا تنفجر بكاءً. أربع ساعات من تلك الحالة كانت كافية لقتل جمل..لكن.. !!.. أخبرني صديق كان قد تشرف باستضافته ذات يوم في احد المعتقلات.. قال: لاتصدق أن بين المخلوقات من يتحمل ما يتحمله الانسان من تعذيب... والله لو عذبوا أي حيوان كان كما فعلوا معنا لمات قهراً! و أقول: لو وجد أي حيوان بيئته وأمكنته و عوالم له كما وجدتها... لهجره النطق و العقل و العزم و ربما الحياة... أو على الأقل لعجز عن الاستمرار بقيادة عربته وحيداً معها لأربع ساعات ليدرك عالم دمشق المتشظي غربة وضياع ملامح.
قال: ما الذي يصبرك على المرّ... قلت: الأمر منه... والأمر من المرارة على روحي.. حين أسمعهم من أبواق أو على شاشات، يتحدثون باسمي كفرد من الشعب السوري؟؟!!... يا خيبة العمر و الحياة... من أجل الشعب السوري وكي ينعم بالحياة الحرة و الحقوق السياسية... قاتلوا و تقاتلوا و أرهبوا و فجروا و هجروا.. حرمونا النور و الطعام و الدواء و الوقود و الدفء و المسكن و الحي والقرية و المدينة و الصديق و الحبيب و القريب... و و و ... و حولوا حياتنا إلى أشلاء حياة.. وهم على إله لهم متكلون و الجنة ينتظرون... و نحن بالحرية و الحقوق السياسية موعودون..!! و الكل إنما يتقاتل من أجلنا... وعلى مساحة العالم توزع الأعطيات و المكافآت وترسل المدمرات لتدمير جيشنا بما يكفي لخراب كلي أبدي لبلدنا.
هذه مقالة مغمة... ومن أجل ترطيب الجو سأروي لكم نكتة... من دمشق المدينة الجميلة المكللة بالحزن، و بأذنها سأروي لكم نكتة..
قال ياسيدي أن الرئيس الفرنسي أبدى تأييده واعجابه بموقف السعودية من المسلحين و الارهابيين في سورية... و يقصد: اعجابه من موقفها في حمايتنا منهم ؟؟!! وتقرر مكافآته على حسن فهمه بحصة جيدة من الكعكة، التي تتشكل من فائض موازنة السعوديين البالغ 55 مليار دولار، عبر مجموعة كبيرة من الصفقات ومعظمها صفقات سلاح طبعاً! وصلت «طراطيشها» إلى لبنان ليعلن رئيسه، بعد أن تضرع إلى الله لحماية ملك السعوديين أن ثلاثة مليارات ستقدم لفرنسا لتزويد جيشه اللبناني و ربما جيوش لبنانية غير الجيش الذي عناه.. بالسلاح. ليعلن أشباه ساسة وأشباه رجال لبنانيون: أنهم فتحوا باب المقاومة...؟! مقاومة ماذا و..مقاومة.. من...؟!...ألله يحميك يا لبنان.
أعجبتكم النكتة...؟ تمهلوا في الضحك... فأنا أخشى على خواصركم من الانفجار...
رغم الكارثة التي نعيشها... و رغم ضيق فرصة الأمل و الحلم.... ستبقى دمشق مدينة جميلة...
as.abboud@gmail.com