| ثورة أم إصلاحات؟ معاً على الطريق أم فيما ينداح عنه من دوائر مؤثرة ومتأثرة .. في تلك الحقبة خرجت علينا أصوات متفاوتة في نزعاتها بدءاً من التلطي المتذاكي خلف حركة إنقلاب أبيض , وصولاً إلى أصوات رافضة ومتشددة ومهددة بأن الإصلاحات المطلوبة تهدد بجزأرة سورية ( من الحالة الجزائرية حينها ) , ما يعني علناً الرفض المحبط لحالة حوار وإصلاح كفيلة بتجديد أي نظام سياسي , وما يعني ضمناً تخوين من سيتجرأ على المطالبة ولو بمكافحة الفساد لأنه متهم بالشروع والتخطيط لاختطاف السلطة . رفع سوط الجزأرة السيد عبد الحليم خدام , أي أن الأكثر تشددا كان الأكثر طمعا بالسلطة , لكن عبر محاولة تقطيع أوصال الجسد بفصل القلب عن العقل وتركيب أذرع غريبة على المجتمع السوري , ربما كنا نعاين الآن بصماتها المريبة . قبل أيام كتب الصحفي نبيل صالح نقلا عن السيد محمد إبراهيم العلي أنه كان مكلفاً أواخر عقد التسعينيات برئاسة لجنة لحل ملف الأكراد غير المجنسين , لكن التوصيات نامت في الأدراج دون نزع الصواعق تحت ضغط تيار تصدره أحد كبار المسؤولين آنذاك . ليس مستغربا أن يعمد الخصم إلى التنكر بلبوس المدافع المتشدد لأنها الوسيلة الأسلم لتقويض مبادرات إصلاح , إن تمت، فهي الكفيلة بامتصاص حالة التذمر ونزع الشرعية عن دعوات التغيير العنيف ولو اتخذ عنواناً نبيلاً وهو الثورة , أما إن تعثرت الإصلاحات , فيصبح من المؤكد أن تراكم الخيبات يجفف التربة ويجعلها نهمة لأي شرارة نار ستلتهم الجميع . وبعد فقد نقل السيد الرئيس حزمة الإصلاحات المطلوبة من إطار النيات إلى إطار التنفيذ عندما تمت جدولتها الزمنية , ما يعني إزالة مبررات الاحتجاج العنفي , لكن استمرار العنف بالمقابل يعطي في المجال للمتربصين ببلدنا أن يطلوا برؤوسهم وقد ألبسوها قناع الغيور الحامي الذي سيطلب المزيد من الصرامة والتشدد . إخوتي ممن تحرقكم الغيرة على بلدنا وتريدونها بأبهى حلة وأرفع موقع , أناشدكم أن تتوقفوا عن النزول إلى الشارع للمطالبة بإصلاحاتكم أو حتى للتعبير عن رضاكم وتأييدكم , لأن للشارع قانونه الأهم والأقوى , قانون الغاب , حيث يتسيد الأعنف والأكثر دموية . لن يهرب الشارع , لكن اتركوه الآن للحانقين دون مشروع أو مشروعية , نزولكم معهم , يعطيهم المشروعية . إصلاحاتنا تحتاج إلى سلمنا وهي محددة بزمن معلن ومعلوم , أفلا تستطيعون إعادة ترتيب أوراقكم خلال شهر . العنف يقوض مناخ الإصلاحات , والإصلاحات تجفف منابع العنف معادلة بسيطة تحتاج فقط إلى التزامنا بها .
|
|