لم تُشبع تلك المشيخات حقدها الدفين بعد كل هذا الاستهداف للسوريين في وجودهم وحياتهم ودمهم، ولم تفرغ ما في جعبتها حين لجأت إلى هذه القرارات الجائرة التي لا تريد للصوت السوري أن يصل، والتي لاتريد للحقيقة أن تظهر، ولا لأكاذيبها وفبركاتها أن تنكشف، ولتلفيقاتها وشراكاتها في سفك الدم السوري أن تتوضح.
هكذا قضى العرب في نهاية المطاف أن يرموا آخر أوراقهم في سلال أعداء الأمة لاستجداء التدخل العسكري من جديد في سورية ، وهكذا قضت مشيخات الخليج أن توغل بسكينها في دم السوريين.. وهكذا أفصحت عمّا أحدثه فيهم الصمود السوري من اهتزازات، وعمّا فعله الصوت السوري فيهم من أرق، وماكشفه من دسائسهم الخسيسة في دورهم الفاضح، ومن تآمرهم على الأمة والعروبة والوجود.
هكذا يضمن بعض العرب مقعداً لهم في القطار الأميركي والإسرائيلي ويضمنون لحقائبهم الملوثة موقعاً ودوراً، وقد أعطتها تلك القرارات تأشيرة السماح بالعودة إلى تلك القاطرة، ليستمروا في دورهم وتآمرهم، في حضورهم على الساحة بعد أن غاب دورهم حين أوكلوا مهمة النيل من سورية إلى الأميركي والأوروبي ومعهم الإسرائيلي، بعد أن أوغلوا في تحريضهم و تجييشهم وتصعيدهم ودعمهم للإرهابيين.
المعضلة بالتأكيد ليست في أن القرار متجنٍ فحسب، ولا في أنه خروج على أبسط قواعد الحرية الإعلامية وأبسط مبادئ العمل الإعلامي فقط، إنما في هذا الانسياق الخطير وغير المسبوق في حملة استهداف سورية، وفي هذه الدونية وفي ذلك الغوص إلى قاع آسن من التعاطي الحاقد.
يستطيع البعض العربي اليوم أن يفاخر أنه ذهب إلى حيث لم يسبقه أحد، ويستطيع أن يسجل أنه اتخذ قرارات لم يتخذها أحد قبله، ويستطيع أن يحاجج بأنه استهدف السوريين بأقصى مايستطيع من اجراءات وبأخطر مالديه من أدوات، وبأنه حرّض العالم كله، وأخيراً بأنه اتخذ كل مايلزم ليسكت الصوت السوري بعد أن فشل في إسكات صوت الحياة فيه، وفي إسكات نبض الوجود..وفي أن يكفره بالعرب والعروبة.
وتستطيع مشيخات الخليج أن تسجل أنها قادت دويلات العمل العربي وأركانها الجديدة إلى قاع لم يقدر عليه أحد، وأنها استهدفت العروبة في قلبها النابض، وأنها أوغلت سكاكينها لأنها لا تريد أن يظهر صوت الحقيقة .. أو أن تتكشف صورتها .. لان صوت الحقيقة يفضح المرتكبين والمتآمرين وحين عجزت عن إرهاب السوريين بالقتلة والمرتزقة والإرهابيين، لجأت إلى إرهاب الإعلام كي تحرمهم حتى من إسماع صوتهم.. من أن يطلع العالم على ما يجري، من أن يعرف أكاذيب وفبركات إعلام تلك المشيخات ومن أن يكتشف فصول التآمر التي لم تتوقف..
لكنهم مثلما عجزوا عبر أدوات إرهابهم جميعها .. وعبر مرتزقتهم .. وعبر مأجوريهم .. سيعجزون اليوم .. سيبقى السوري صوتاً وصموداً وإرادة أقوى من إرهابهم.. وسيبقى الإعلام السوري والقرار السوري شوكة في حلوقهم.. ساحة مفتوحة لمواجهتهم تتحطم فيها مؤامراتهم واستهدافاتهم.
هذا الصوت السوري الذي تلقى سهامهم دون توقف، وتتالت عليه طعناتهم مراراً وتكراراً .. لن تتمكن قوة إرهاب أو فكر ظلامي أو وهابية إلغائية أن توقفه أو أن تمنعه، أن تحول دون أن يستمر معبراً عن الحقيقة مهما اشتدت عليه المؤامرة.
a-k-67@maktoob.com