ومحاولة لتعويم الطروحات أحياناً أخر, واللافت أن الوزيرة رايس خلال جولتها الراهنة استخدمت أوراقها السياسية دفعة واحدة, في إطار سعيها لتغيير المزاج العام حول مساحة الدور الأمريكي .
وإذا كانت الانتقادات توجه في السنوات الاخيرة إلى غياب الدور الامريكي ,فإن تصريحات الوزيرة الاميركية تحرك تلك الانتقادات باتجاه مغاير , يتجاوز الغياب والحضور .
ويصل حدود الملامسة الفعلية لتوجهات الادارة الحالية , التي أحدثت تغييرات كبرى في مسار الدور الامريكي , وباتجاهات خطيرة تصل حدود الكارثة .
وأولى مشاهد هذه التغييرات أن المسعى الاميركي تحول من منطق الانحياز لاسرائيل إلى مفهوم القيادة للدور الاسرائيلي , بحيث أضحت الرؤية الأمريكية سابقة في تطرفها وتشددها للكثير من تفاصيل الموقف الاسرائيلي, وكان عدوان تموز شاهداً حاضراً في ذاكرة المنطقة .
الأخطر من ذلك أن جولة رايس في المنطقة , وإن حملت عنواناً مغايراً , فإنها لم تخرج عن ذلك النطاق , بل أوغلت في تلبسه إلى حد غير مسبوق , ووصلت حد التطابق الكلي مع الموقف الاسرائيلي في التعاطي مع الحكومة الفلسطينية المنتظرة , والتي تعرضت لمخاض عسير كانت الأصابع الاسرائيلية والأمريكية تزيد من صعوبته , وترفع من درجة الضخ في السياسي المكثف باتجاه اطالته .
ولعل اللغة الملتبسة التي تصر رايس على استخدامها , والاشتراطات التي تضعها , تعكس إلى حد بعيد الاتجاهات الجديدة في الدور الاميريكي , الذي يسعى إلى تعويم الحكومة الاسرائيلية من خلال دفعها نحو مزيد من التشدد عبر الاتكاء على المواقف الامريكية .
والأبرز في هذا الاتجاه , ما تمليه من اتجاهات وما ترسمه من آفاق للمنطقة تقتصر على الساحة الفلسطينية , بل تحاول من خلالها تسويق بورصة المفردات السياسية الجديدة القائمة على متغيرات المسار الامريكي في الرؤية والاتجاه .
وحين يكون الأداء الامريكي بهذه الصورة , يصبح صعباً , بل ربما مستحيلاً الاتكاء على أي دور مستقبلي , بقدر ما يخلق مساحة كبيرة من الشك والخشية والقلق في الاحتمالات الجديدة لذلك الدور , والذي يضخ في أغلب الأحيان سيناريوهات لاتمد في فتيل الأزمات التي تشهدها المنطقة فحسب , بل تؤجج اشتعالها وتزيد من تفجرها وامتدادها .