انطلاقا من ادراك الكثيرين - وربما حتى ممن خلقوا الارهاب - خطورة اللعبة القذرة التي استسهلوها وجعلوا كل حلفائهم وادواتهم منخرطة فيها انخراطا تاما، رغم كل الاشارات السياسية التي تصدر بتواتر سريع عن عواصم مؤثرة - ومتورطة بلعبة الارهاب - فما زال بعض اللاعبين الاقليميين الذين تضخموا الى حدود الانتفاخ الذي يسبق الانفجار، يغرقون في مستنقع الوهم الذي قد لا يدع للغارقين فيه اي امل بمستقبل او دور سياسي يمكن لهم ان يلعبوه داخليا على مستوى بلدانهم وخارجيا على مستوى الاقليم والمنطقة.
تركيا الاخوانية التي يعتقدها اردوغان هكذا، قالت في الانتخابات البرلمانية الاخيرة كلمة اخرى لا يريد السلطان الواهم ان يسمعها او ان يصغي لها، وبدل ان يذهب الى حل ازماته الداخلية يصر على الاستغراق بلعب ادوار هو في الحقيقة غير مؤهل للنجاح فيها، وما يؤكد رعونة وحماقة الاخواني اردوغان هو تجاهله حتى تحذيرات الراعي له والمحرك الاساسي لسياساته من ان ليس كل الاحلام قابلة للتحقق في محاولة لعقلنته وكبح طموحاته غير المشروعة خصوصا بعد سلسلة فشل طويلة اظهرها كمؤد لمهام كلفه بها سيده الاميركي.
انقرة التي يفترض ان تكون منشغلة بايجاد سبل تخرجها من ازمتها السياسية التي اذا ما انفجرت فقد تفجر معها مسلسل ازمات لا ينتهي، مازالت تتحدث عن حلم اقامة مناطق عازلة شمال سورية، ومازالت الممر والمقر لكل حثالات العالم الارهابية المتطرفة وكأنها لم تأخذ علما بعد بكل ما يجري من حولها وفي العالم، فهل تتعمد تجاهل الاشارات السياسية تلك، أم انها مطمئنة لمظلة الحماية الاميركية الاسرائيلية لها، ام انها تسعى لتصدير مشكلاتها الداخلية وازمة تشكيل الحكومة الى الخارج بهدف الضغط على المكونات السياسية التركية الاخرى للبقاء في السلطة والاستحواذ عليها؟.
عبثا تسعى زمرة اردوغان الاخوانية لاعادة تعويم نفسها وتجربتها التي سقطت رغم المال القطري القذر ورغم الدعم الاميركي السعودي الاقذر، فالناخب التركي حجب عن تنظيم الاخوان الارهابي الصوت الذي يمنحه الاغلبية، والاحزاب السياسية بكتلها البرلمانية باتت اكثر وعيا وادراكا باهمية اتخاذ مواقف وطنية تحمي تركيا والشعب من السقوط في مستنقعات الوهم والتطرف والارهاب، واذا كان لدى الزمرة الاخوانية اعتقاد بأن بناء تحالف محدد يسمح بتشكيل ائتلاف حكومي سيجدد الامل بالحلم العثماني، فهي واهمة جدا لان هذا النوع من التحالفات لن يدوم طويلا وسيسقط عند اول اختبار، لا لانه سيكون التحالف الهش والضعيف، بل لان حزب العدالة والتنمية الذي يمثل الاخوان سيكشف سريعا عن لصوصيته وعن طبيعته الاقصائية قبل ان يكشف عن مشاريعه القذرة الجديدة.