وتتألف الثروة الوطنية السورية من قيمة الأصول المملوكة للفرد أم للعائلة أم للمجتمع, وبالتالي فهي بمثابة مخزون قيمي للممتلكات السورية سواء كانت مادية أم معنوية , ملموسة أم غير ملموسة , سلعا أم نقودا , وتتعدد أشكالها ومنها مثلا ( أبنية ومحطات توليد ومستشفيات ومدارس وجامعات ووسائط نقل وأراض وأبنية ومعامل ومزارع والخبرات البشرية ....الخ) , إضافة إلى حيازاتها المالية مثل (حسابات الادخار والسندات والسهم والممتلكات المالية الأخرى...الخ ), أما صافي الثروة فتعبر عن الفارق الكائن بين الأصول والخصوم على الدولة في لحظة ما ,ولذلك فإن الكثير من الاقتصاديين يعتبرون أن الثروة المجتمعية هي بمثابة بحيرة مائية تتراكم بها المياه , بينما الدخول المتولدة من جرّاء النشاط الاقتصادي رافد لهذه البحيرة , ولذلك فالعلاقة بينهما علاقة جدلية .
وبشكل عملي وواقعي تتكون ثروة المجتمع السوري من التراكم الإجمالي للنفقات المجتمعية من قبل الدولة السورية لبناء مؤسساتها وشركاتها وأصولها الأخرى , ويتم تكوينها من خلال الإنفاق المالي عليها , وهذا يتم عن طريق الموازنات السنوية والتي تعتبر جزءاً مقتطعاً من الدخل الإجمالي للشعب السوري كاملاً, لذلك فإنّ الاعتداء على هذه الممتلكات يعني الاعتداء المباشر على حقوق كل الشعب السوري أي على حقوق 23 مليون مواطن سوري ,ومن جهة أخرى وباعتبارها تراكمية فإنها تمثل أيضا اعتداء على حقوق الأجيال القادمة,ومن هنا كان تركيز الشرائع الدينية والوضعية بأن الاعتداء على هذه الممتلكات يعتبر خطأ شرعيا وقانونيا ويعاقب عليه دينيا ومدنيا.
وتعتبر الممتلكات العامة بمثابة أذرع للدولة تتدخل بواسطتها للتدخل في النشاط الاقتصادي والاجتماعي , وتسعى لتحقيق أهدافها وخاصة في تحسين الكفاءة الاقتصادية وتقليل الفروقات الاجتماعية وتقليل التفاوت الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ...الخ, ولزيادة معدل نمو هذه الممتلكات فإننا بحاجة إلى موارد مالية إضافية لبناء الجديد منها أو إعادة تعمير المدمر منها , ومن المعروف أن تأمين الموارد المالية يتطلب تفعيل النشاط الاقتصادي وزيادة معدل النمو الاقتصادي لجميع الفروع الاقتصادية سواء القطاعات الإنتاجية أم الخدمية , ومن الناتج المحلي الإجمالي يتم تخصيص الموازنات السنوية , حيث تعبر الموازنة السنوية عن خطة الدولة الاقتصادية لتلبية الاحتياجات العامة والخاصة ,ومن ناحية الاقتصاد السوري فإن هذه الموازنات تزداد من عام إلى آخر حتى في ظلّ الأزمة المالية العالمية التي انتشرت وتوسعت تداعياتها من أقصى الغرب إلى الشرق إلى الشمال إلى الجنوب وتتمدد أفقيا وعموديا , وانهار من جراء هذه الأزمة مؤسسات عملاقة وبنوك ومصارف وشركات ...الخ.
ورغم ذلك فقد بلغت الموازنات التقديرية السورية لسنوات الخطة الخمسية العاشرة من عام 2006 ولغاية 2010 وبمليارات الليرات السورية وحسب التسلسل كما يلي ( 493,7- 520,5- 548,4- 685- 754) , شكلّت هذه الموازنات من الناتج المحلي الإجمالي والبالغة قيمته بالأسعار الجارية وحسب التسلسل وبمليارات الليرات السورية كما يلي(1698- 2020- 2374,6- 2443- 2718) , وبالتالي تكون نسبة الموازنات السنوية من الناتج المحلي الإجمالي ولنفس الفترة كما يلي (29,1%- 25,8%- 23,1%- 28,1%- 27,8%) , وهنا نحب أن نؤكدّ أن القسم الأغلب من تمويل الموازنات السنوية يأتي من ( مورد الإيرادات الجارية أي الضرائب والرسوم ) وهذه تقتطع من دخل المواطن مباشرة , وقد كانت نسبتها من الموازنات السنوية ولنفس الفترة كما يلي (60,1%- 57,9%- 66,5%- 60,4%- 53,1%).
ومن هنا يتبين لنا وبلغة رقمية أن الاعتداء على هذه الممتلكات إضعاف مباشر للدولة السورية و للثروة السورية وانتقاص من حقوق المواطن السوري وزيادة في الأعباء على الأجيال القادمة للتعويض عمّا تمّ تخريبه وتدميره , ومن هنا أقترح ضرورة التركيز على كيفية زيادة الممتلكات العامة وحمايتها وصونها في الإعلام والمدارس والمؤسسات والجامعات والمواقع الدينية السورية لأنها لنا جميعا , والإساءة لها يعني الإساءة لنا جميعا . وهذا مايفسرمن جهة أخرى تركيز المخططات الجهنمية العدوانية على سورية بالعمل على تدمير هذه الممتلكات لأنها تعني إضعافنا جميعا دولة وشعبا ومواطنين .