وأن تركز على المشترك الإنساني والأخلاقي بين مختلف الديانات السماوية، فلا تستغرقها الفتاوى الشرعية على الهواء، بل تذهب بعيدا في صلاح الشأن السلوكي الحياتي، بغض النظر عن مستنده الشرعي، كما تذهب بعيداً في عرض المدارس الفكرية والفلسفية طالما أنها لخير البشرية.
تستوقفني الفتاوى لأنها ذات صبغة جماهيرية، وما إن يتأمن الحشد حتى يجد المتشددون منفذاً لدور مجتمعي وسياسي أكبر، ولعل القرضاوي أن يكون نموذجاً صالحاً للقياس عليه. لم يكن الرجل معروفاً على المستوى الشعبي، لكن وبعد سنوات من برنامجه الأسبوعي، وكان متزناً (بالقياس) في شرعنة المستجدات الحياتية، انتقل إلى دور أكبر يريد عبره أن يتولى دفة قيادة الجماهير العربية.
اهتمامنا ببلدنا لا يعني انشغالنا عن محيطنا الأوسع، وخوفنا من التطرف ينبع من خوفنا على مصالحنا الوطنية وعلى قضايانا القومية، ففي أي وسط متشدد ينبثق ما هو أكثر تشدداً، كما الحال مع جماعة سلفية مسلحة اغتالت نسبة عالية من التأييد العالمي لقضية فلسطين عندما اغتالت الناشط الإيطالي فيتورو أريغوني، وهو الشاب الذي غادر إيطاليا وانتقل للعيش في غزة المحاصرة مدفوعاً بإيمانه بعدالة قضيتنا الفلسطينية وقناعته بضرورة التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة التي يمارسها الإسرائيليون ضدهم اغتيال وجد دون ريب من شرعنه وأضفى عليه صبغة الضرورة.
سابقاً قيل: إن الحرب أهم وأخطر من أن يترك قرار اتخاذها للعسكر.
dianajabbour@yahoo.com