| هل تحرك الأحداث عملية السلام الراكدة ؟ إضاءات معللين ذلك بالخوف من وصول قوى سياسية وحكومات معادية لأمريكا وإسرائيل تهدد بزعمهم ما يسمونه الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، النصيحة المشار اليها تعكس بنية سياسية تربى عليها الغرب وترى أن أشكالاً من الاستبداد السياسي هي التي تبقي شعوب هذه المنطقة في دائرة التخلف والتبعية السياسية والحضارية للمركز الامبريالي على قاعدة المركز والأطراف، لذلك كله نجد أن الخطاب الغربي المنحاز كلياً لإسرائيل يقدمها دائماً للرأي العام الغربي وحليفه وحفيده الامريكي على أنها دوحة ديمقراطية في صحراء الاستعباد والظلم والقمع، ويحاول إبراز الكيان الصهيوني وكأنه حمل وديع وسط غابة من الذئاب يستحق ليس التعاطف معه، وإنما حمايته من وحشيتهم وبربريتهم المزعومة، هذه الصورة النمطية يبدو أنها لم تغادر بعد عقول العاملين والمشتغلين في مراكز الدراسات والبحث وقضايا الرأي العام في الغرب عموماً ولعل ما يزيدنا قناعة بذلك هو تصريح مقتضب لوزيرة الخارجية الامريكية السيدة هيلاري كلينتون أطلقته في سياق تعليقاتها المتكررة أثناء الثورة المصرية فقد قالت: لقد كان على اسرائيل أن تستعجل التوقيع على اتفاقيات سلام مع العرب لأن الامور سائرة باتجاه التغيير، هذا التصريح الذي لم يجد ما يستحقه من التحليل حري بنا الآن وبعد الذي حدث أن نقف عنده كثيراً لأنه يؤيد وجهة نظر تبنيناها طويلاً، وهي ان الكيان الصهيوني يريد ان يفرض علينا سلاماً بشروطه مستغلاً ضعف البنية السياسية العربية عبر تعبيراتها السياسية ممثلة ببعض الحكام الذين نصبوا على عروشهم لخدمة أجندة غربية ترى في أمن اسرائيل وحمايتها ودعمها ثابتاً في أجندتها السياسية ولعل إدراك قادة العدو لهذه الحقيقة ومعرفتهم العميقة بها هو الذي جعلهم يمعنون في رفضهم الخوض بعملية سلام حقيقية مع العرب, الآن وبعد الذي حدث والزلزال الذي ضرب المنطقة واقتلع الأنظمة التي كانت الاقرب الى امريكا وإسرائيل من شعوبها، ثمة معادلة جديدة مختلفة في أطرافها ومركباتها ستنتج قواعد لعبة لم تكن قائمة فيما سبق، وسيكون المعطى المصري الجديد حاضراً فيها بثقله وتوجهه المفترض وهو بالتأكيد لن يكون في مصلحة اسرائيل وحتى لا نستعجل ونرفع من سقف التوقعات إلا أن المؤكد أنه لن يكون كما كان قبل الثورة في أسوأ الأحوال . إن قراءة المشهد العام في المنطقة يجعل العارفين بحقيقة ما يجري وضمن المعطيات التي تمتلكها القوى المتصارعة يميلون الى الاستنتاج أن اسرائيل ستضطر أياً كان شكل الحكومة التي تقودها الى القبول باستحقاقات سلام كانت ترفضها سابقاً لإدراكها لحقيقة وأبعاد ما حدث وتداعياته المستقبلية عليها وعلى أمنها المزعوم، وبالمقابل يمكن للقوى الساعية للبحث عن سلام حقيقي ومشرف أن تتعامل مع ذلك المعطى الجديد بما يخدم قضاياها العادلة ويجعلها أكثر إصراراً على استعادة حقوقها ورفضها لاشتراطات العدو والاكثر من ذلك قبولها فقط بالحد الأدنى المطلوب لسلام مشرف، وقد تشهد الفترة المقبلة -وهذا ما سيتوقف أيضاً على التطورات الحاصلة على الساحة المصرية -حراكاً دولياً غير مسبوق وبرغبة ضمنية إسرائيلية لاستئناف مفاوضات سلام جدية يكون الإسرائيليون فيها اكثر انصياعاً لاستحقاقاتها العادلة، وثمة احتمال غير مستبعد وهو أن يقدم قادة العدو الصهيوني الذين يعكسون حالة التطرف في ذلك الكيان على مغامرة عسكرية طائشة بهدف خلق واقع جديد يعيد خلط الاوراق ويظهر الكيان بمظهر القادر على التحكم بضبط ايقاع ما يجري في المنطقة من أحداث وتطورات غير مسبوقة .
|
|