ما يجري هو حراك واسع يعكس توق الشعب العربي إلى الانعتاق من أنماط متآكلة من الحكم والإدارة ، تتسم بقدر كبير من الاستئثار والفساد وضعف الكفاءة مع تغييب الغالبية الساحقة من أبناء الشعب عن المشاركة الجدية في إدارة شؤون بلدهم .
إن المنظومة الضيقة (نفعية ، أمنية ، عشائرية، طفيلية، بيروقراطية ) التي حاولت كثير من الأنظمة العربية الاتكاء عليها طوال العقود الماضية ، كبديل عن المشاركة الشعبية الحقيقية، وفي ظل غياب الحريات والحياة السياسية تثبت هذه الأيام مدى عقمها وهشاشتها ،وهي بالتأكيد لم تعد تصلح أبداً كناظم للعقد الاجتماعي المفترض بين المواطن العربي وحكامه .
الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي باتت على رأس كل المظاهرات والتحركات في الساحة العربية ، تختزل هذا الاختلال الحاصل والمتراكم منذ بواكير الاستقلال في البلدان العربية حتى هذه الأيام ، حيث أخفقت معظم البلدان العربية في بناء تجارب ناجحة وحكم رشيد يقوم على احترام خيارات الشعب ، ويسمح للممثلين الحقيقيين لهذا الشعب بأن تكون لهم كلمة مسموعة في تقرير حاضر بلادهم ومستقبلها .