تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التجربة اليابانية: الإدارة بالأخلاق

إضاءات
الأثنين 28-2-2011م
خلف علي المفتاح

اليابان ذلك البلد الآسيوي العريق والمكون من أكثر من خمسة آلاف جزيرة يهز العالم بانجازاته. أكثر مما تهزه حركة الأرض بزلازلها، واليابان تشكل بحق ظاهرة اقتصادية متفردة وجديرة بالدراسة والتحليل،

بهدف الاستفادة منها، خاصة لبلد مثل سورية يعيش حالة تطوير وتحديث على جميع المستويات، فاليابان كدولة وشعب تتمتع بسمعة طيبة لدى أغلب شعوب العالم، فسياستها الخارجية يغلب عليها الطابع الإنساني التي تعكس طبيعة وثقافة المواطن الياباني من تسامح وروح جماعية وحب للعمل، وعلى الرغم من أن اليابان دفعت ثمناً غالياً في الحرب العالمية الثانية وتعرضت لأول عدوان ذري في التاريخ راح ضحيته مئات الآلاف من أبنائها، إلا أن الشعب الياباني العنيد والمثابر والمتمسك بأصالته نهض من الحرب بقوة، موقناً أن سر النجاح يكمن- كما ورد على لسان أحد سياسييه في حوار مع الزعيم الهندي نهرو- تحت القبعة في إشارة للعقل المبدع.‏

لقد اهتم الكثير من المحللين الاقتصاديين بما حققته اليابان من نجاحات في ميادين عديدة، فعلى سبيل المثال هناك أكثر من 128 شركة يابانية من بين أكبر 500 شركة عملاقة على مستوى العالم، وتمتلك اليابان أكبر فائض تجاري في العالم بالتوازي مع الصين، ويرجع المحللون الاقتصاديون نجاح التجربة اليابانية إلى عدة عناصر منها الإدارة اليابانية الفذة والكفوءة في ميدان الأعمال وقيادة المجتمع الياباني من خلال عناصر ثلاثة وهي الإنسان الياباني المتفوق بحكم تعليمه وتأهيله، والإدارة الرشيدة، والثقافة الإجتماعية التي تقدس العمل. فبالنسبة للعنصر الأول وهو الإنسان هذا لا يعود قطعاً لأسباب عرقية وإنما لسبب جوهري هو إيمان الإنسان الياباني بالعلم وقناعته بأنه سبيل التطور والتقدم واستعداده الدائم للتعلم الذاتي والتعمق في الاختصاص العلمي واحترامه لتقاليد وقواعد العمل، أما بالنسبة للعنصر الثاني فالثقافة العامة الاجتماعية تتأسس على تقديس العمل واحترامه والروح الجماعية التي يحملها المواطن الياباني واتساقه وانسجامه مع الجماعة واعتقاده أن احترام الجماعة له يتم من خلال عمله المنتج الذي يحتل المرتبة الأولى في سلم القيم، والعنصر الثالث في نجاح التجربة اليابانية وهو الأهم فيكمن في النظام الإداري الذي يقوم على الصرامة في تطبيق القوانين وأنظمة العمل وتحفيز الإبداع والابتكار، وهي العوامل الأساسية في الانجازات العالمية والتكنولوجية والقفزات الحضارية التي حققتها اليابان، ولعل ما يميز الإدارة اليابانية وآلية العمل هو ان العمل لدى المواطن الياباني هو وظيفة مدى الحياة وهذا يخلق لدى العامل شعوراً عميقاً بالراحة والاستقرار والأمن الوظيفي ويقابل الولاء للعمل شعور بالاحترام من رب العمل ورعاية وحماية دائمتان يضاف إلى ذلك استمرار البحث والتدريب والإبداع في إطار ثقافة متخصصة ومتجددة تكرس مجد المؤسسة ومقابل ذلك تقوم جميع مؤسسات الأعمال ومنظماتها بدفع مكافآت سخية للعاملين فيها لا تقل عن أجر ستة أشهر وهي لا تدفع على أساس‏

المستوى الفردي لأداء الموظفين بل على أساس أداء المؤسسة بالكامل وانجازاتها، لأن الوظيفة في اليابان لا تعتبر صيغة عقدية من أجل الحصول على المرتب فقط، وإنما وسيلة لتحقيق الذات وتعزيز الهوية في إطار مجتمعي واقتصادي أكبر.‏

إن الموقف من العمل باعتباره وظيفة اجتماعية هو المحرك والمحرض الداخلي للعامل الياباني، وربما كان من أقوى الدوافع على الإنتاجية العالية، ولعل ما تجدر الإشارة إليه وهو من أهم عناصر الانجاز والنجاح الطريقة التي تتخذ فيها القرارات المتعلقة بتطوير عمل المؤسسات والأداء بشكل عام فالقرار- وإن كان يصدر عن مؤسسة عليا أو منظمة - إلا أنه لابد أن يمر عبر قنوات متعددة، أول من يشارك فيها العامل في الشركة أو المؤسسة، ويتدفق القرار من أسفل التنظيم إلى أعلاه مع ملاحظة النتائج التي تترتب عليه وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، وتأكيد وجود ضرورة لاتخاذ قرار جديد ولماذا وكيف؟ وبهذا يسعى اليابانيون لتحقيق التوافق والتكامل في دائرة القرار وهم في سبيل ذلك يمضون أشهراً أو سنوات لدراسة القرار، وعندما يتخذ ينفذ بشكل مباشر وسريع بفضل المشاركة الجماعية والقياس والرصد والتحليل، ويطلق اليابانيون على هذه العملية (هارجي) ومعناها هضم الطعام وهي تدل على أهمية التفاعل المشار إليه آنفاً.‏

khalaf.7@gmail.com ‏‏‏‏‏

تعليقات الزوار

sakr |  mazloomvip@gail.com | 28/02/2011 22:14

احببت مقالك وفبل قرائه لانك تتكلم عن شيء له قيمة في هذه الدنيا

ابو مازن |  g-sf25@hotmail.com | 01/03/2011 23:10

والله العرب ليسوا اقل ذكاء من اليابانيين ولكن ينقصنا نحن العرب شيئا واحدا هو الاحساس بالمسؤوليه فقط , انا لاحظت منذ سنوات عندما كانت شركه رومانيه تعمل في استصلاح الاراضي في بلدنا , وكان هناك عمال رومانيين وعمال سوريين , فالسوري لايعمل الا عندما يأتي المراقب وعندما يذهب المراقب يترك معوله ويجلس ,اما الروماني فيعمل بدون رقابه وعند الساعه12 يرتاح ساعه واحده ليتناول غذائه , وفي الساعه الواحده يقوم ثانية الى العمل مع العلم ان البلد ليسى بلده والارض ليست ارضه , بل احترام العمل فقط ملكه , فقط يلزمنا الاحساس بالمسؤوليه اتجاه وطننا وتربية اجيالنا على ذلك وحلال عالشاطر هذه يجب الغائها من قاموسنا

عيسى الخطيب |  ALKHATIB5@YAHOO.COM | 02/03/2011 08:31

الأستاذ المحترم خلف:تحية لك وياسيدي الإدارة بالأخلاق سلم قامك ولكن إذا فقدت الأخلاق ونحي قسم الإخلاص وغيبت المحاسبة وجيرت الدائرة وأصبحت إقطاعا ومحابات لللأل والخلان وأديرت بقوانين ( التفويض ) الإلهي فنحن نرى دوائر تدار من قبل من يستحقون أوسمة لاأدري ذهبية أم فضية حيث وعينا على إدارتهم للدوائر مذ كنا على مقاعد الدراسة وكأن الزمن وقف عند أعتابهم ولم تعد النساء تلدواليوم تقاعدنا بالسن القانوني وهم بقدرة الله مازالوا يديرون وهذه بركة نحسد عليها وأقول للسيد أبو مازن شعبنا معطاء ويتحمل المسؤلية ومبدع ونحن من علم العالم الإبداع ولكن كما عنون الأستاذ خلف ( الإدارة بالأخلاق ) ومثلنا العامي يقول ( شوف العنزة وأطلب منها حليب)

mustafa |  mustafamaani@gmail.com  | 02/03/2011 10:48

شكراً أستاذ خلف لو سمحت لي بإضافة : عندما نحترم الرأي الآخر ونحترم بعضنا وعندما نعمل لأننا نحب عملنا وليس لأنه مفروض علينا وعندما نعمل كشركاء وكفريق واحد وعندما يتحول القانون والنظام إلى عادة وسلوك عندها يبدأ التطوير .

وليد السيد مقداد |  mugdad_31@nbc.com | 03/03/2011 00:23

أستاذي العزيز يبدو أنك غير مطلع على ذلك البلد الذي أسميته بالعجيب إن اليابانيين ينظرون إلى بلدنا سوريا أيضا بالعجب إن كنت لم تعلم فالوارد إلى الخزينة السورية من الظرائب هو أكبر من الوارد إلى الخزينة اليابانية من الضرائب حتى أن شركات السيارات في اليابان باتت تدرس بجدية إغلاق معاملها والإقتداء بالتجربة السورية فهذه الشركات التي تكد ليلا نهار صمتا وجهارا لا تربح مثل ما يربحه التجار السوريون عالبارد المستريح نحن بلد العجائب يا أستاذي العزيز وليس اليابان أرجو من حضرتك مراجعة التجربة اليابانية وإثبات فشلها لكي لا تعتمد الدول الأخرى على دراستك وتتورط كما تورطت اليابان بل يجب عليك يا أستاذي العزيز أن تروج للتجربة السورية العجيبة فالأهل أولى بالمعروف وليس اليابان بلد الواق واق أرجو من حضرتك الرد على هذه الصفحة حسب قانون المطبوعات ولك الشكر

خلف اتلمفتاح  |  khalaf.almuftah@gmail.com | 03/03/2011 15:26

الاستاذ وليد مقداد المحترم :انها المرة الاولى التي ارد فيها على تعليق لمقال لي واعتقد ان تعليقكم على المقال هو بروح التهكم الايجابي وربما لك الحق في ذلك ولكني على ثقة انه بامكاننا الاستفادة الواسعة من تجارب غيرنا بما ينعكس ايجابا على وضعنا الاقتصادي واذا كان ثمة ملاحظات كالتي ابديتها فيمكن بالتاكيد تجاوزها باليات تشريعية وبيئة حاضنة اشكرك على تعليقك الجميل

وليد السيد مقداد |  mugdad_31@nbc.com | 06/03/2011 23:37

الأستاذ خلف المحترم أشكرك كل الشكر على الرد الكريم أما بخصوص تعليقي الذي ينطوي على روح التهكم الايجابي فهو من باب الحرقة على وطني والسياسات الاقتصادية التي أفقرت أغلب الشعب وأثرث الأثرياء الرواتب زادت نعم ولكن الأسعار زادت أيضا ويمكنك أن تلاحظ أن بدل المازوت الذي لم يصرف حتى الآن وها نحن قاربنا على مشارف فصل الصيف أي قوانين وأي تشريعات هذه التي نتكلم عنها نحن بحاجة لثورة في التشريعات ألا تلاحظ أن التشريعات ترجع للوراء بدل من التقدم للأمام أخر قرار اتحفتنا به وزارة الاقتصاد هو منع استيراد زجاج السيارات الملون في حين أن دول العالم الراقية تسمح به بشكل طبيعي قانون ضريبة الرفاهية على السيارات السيارة التي فيها راديو أو مكيف أو سي دي أو مسجل أو ..... أو ....... فهل المكيف في السيارة هو رفاهية ؟!! أم أن المواطن كتب عليه الحرمان من أبسط ما في الحياه إن القوانين والتشريعات بحاجة إلى تعديل زنغا زنغا كما قال المجنون القذافي أشكرك على رحابة صدرك ولك الشكر والاحترام

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 910
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية