قد أقامت عليك حرباً عوانا
وعجاف الرجال أرفع قدراً
منك في غيهم و أنبه شانا
طالما كنت مبصراً في دياجيك
و كانوا في نورهم عميانا
أسرجوا صهوة المذلة و أنقضوا
على مثخن الجراح طعانا
هذه الزمرة التي في حماها
وقف الملك مطرقاً خزيانا
ما أظن العصور قد مرت عليها
فتلفت أما تراها الآن؟
صرخة الشاعر عمر أبو ريشة حيث مسقط رأس فيلسوف المعرة أبو العلاء، ألقاها في ألفيته بمدينة اللاذقية حيث ينتمي شعره.
هكذا و من بعده، و بليل كله ليل، على مسمع أبناء المعرة وكل السوريين و العرب ومثقفي العالم، هجم الجهل على رمز العلم والفلسفة و الشعر فأعلنوا : أن ظلاميتهم لا تحتمل حتى الرمز!!! كسروا حجره لتزداد أدمغتهم تحجراً و عجزاً عن ممارسة الحياة.
سيبقى نور عقل المعري على مر الدهور و الأزمان، و سيبقون في الظلام طالما أنهم يعيشون. فطوبى لمن يقاتلهم، مهما كان توجهه، و أسفي على الصامتين يحسبون أن من أصول المعارضة السياسية السكوت على جريمة كهذه؟!
لا يريدون أن يقرؤوا في صفحة حلفائهم! بل هم أكثر من حلفاء. إنهم مقاتلو الراية التي يرفعونها دون خجل لتكون شرطاً في التوجه لخيار الحوار و الديمقراطية. هل تنكر المعارضة السورية علاقتها الوثقى بالمقاتلين الإسلاميين؟ لتعلن ذلك إذن... لتعلنه احتراماً لتراثنا وما يمثله فيه أبو العلاء المعري...لتعلنه كي يطمئن فينا قلب ومشاعر يرتعدان من مصير يحاولون فرضه باسم الديمقراطية والحرية.
لقد قدم الإسلاميون تحت راية نصرة الإرهاب إنذاراً، جدير أن يسمعه كل ذي عقل في سورية وخارجها. ولهم في مواقفهم تلك تاريخ من الإرهاب و محاولات شل العقل و الفكر والمنطق. ولايحاول ذكي أن يتخفى برداء من الكذب حول مستقبل ينشده لهذا البلد، فكل ما في سورية مهدد ليستكمل هادمو حضارة المشرق مشوارهم من الرافدين إلى بلاد الشام و الكل يتفرج!
لست بخائف على المعري من القتلة. سينتهون وينسى ذكرهم التاريخ إلا كنموذج للجريمة و الإرهاب، وسيبقى المعري خالداً «يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم» وفي عقله الحر وضميره المتوثب وعزلته لصالح العلم، أودع الله الكثير من نوره ليرى و هو الضرير ما لا يراه المبصرون. لست بخائف عليه لكنني خائف على بلد انحطت فيه الضمائر و حاد العقل عن الصواب، فكانت فرصة الجهل.... خائف على وطني على بلدي ... على المعرة أن تسكت على جريمة تنحي عنها ذكر المعري.
الخوف كل الخوف يترجمه السؤال: ماذا ينتظرنا؟ إلا قتالهم ؟
as.abboud@gmail.com