ويقول أوسكار ليفي: لقد طرح اليهود شعارهم "لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه، وجلاديه"، ووجد منتجو هوليوود وعمقها الاقتصادي والمالي في السينما الوسيلة الأكثر جدوى وانتشارا لتعويم أفكارهم ومعتقداتهم العنصرية المسيئة للحضارات والثقافات؛ ولاسيما المشرقية منها؛ وبالتحديد المشرقية منها.
أدرك اليهود المعادلة؛ واشتغل الصهاينة عليها مبكرا فكانت امبراطوريات الشر الاعلامية، وانتشرت لتسود وتسيطر، لتشوه وتفبرك، لتسقط الساسة وتعلي في اوروبا وخارجها؛ في مشارق الأرض ومغاربها، بالمال اليهودي والعربي "السعودي تحديدا"!.
مطلع الاسبوع الماضي نشرت "الصنداي تايمز" كاريكاتيرا يصور بنيامين نتنياهو وهو يبني جدار الفصل العنصري من أشلاء ودماء الفلسطينيين للرسام البريطاني جيرالد سكارف الذي يعمل في الصحيفة منذ العام 1967، والذي يوصف في أوروبا "بالمخضرم" فما الذي حصل بعدها؟.
قطب الاعلام العالمي كيث روبرت ميردوخ مالك الصحيفة، وشريك الوليد بن طلال في "روتانا غروب" وصاحب أعظم امبراطورية اعلامية "مجموعة نيوز كوربوريشن" التي تمتلك أكثر من 175 صحيفة عالمية، وعشرات المحطات التلفزيونية أهمها: (التايمز اللندنية– الصن– نيويورك بوست– نيوز أوف ذي وورلد– وول ستريت جورنال)، (فوكس نيوز– بي سكاي بي– يو بي ان– دايركت تي في– سي بي اس)...الخ.
قطب الاعلام هذا الذي قدرت عائدات مجموعته السنوية حسب التقرير الرسمي لها سنة 2001 ب /42/ مليار دولار، والذي تمثل "نيوز كورب" واحدة من /3/ مؤسسات عالمية تحرص "ايباك" على شكرها بسبب دعمها المستمر والمتواصل للدولة العبرية.. هذا القطب يضطر في اليوم التالي للنشر الى الاعتذار على نشر الرسم والقول: (لم يعبر سكارف يوما عن رأي الصنداي تايمز ومع ذلك فنحن مدينون بالاعتذار بسبب هذه الاساءة)؟!.
رضخ ميردوخ، وخضع رئيس تحرير الصحيفة، ونائبه، والرسام ذاته لسفير الكيان الاسرائيلي في لندن؛ ولهيئة ممثلي اليهود البريطانيين التي قالت: إن نشر الرسم في ذكرى الهولوكوست مثير للاشمئزاز، فهل يستجيب ميردوخ وسادة هوليوود ويعتذرون عن تعمد تشويه صورة العرب النمطية القميئة التي يقدمونها "دشداشة وعقال، خيمة وجمل ورمال صفراء وامرأة فيمييه".. أعراب بلهاء لا يكفون عن إظهار انبهارهم بالكونديشن وبكل ما هو غربي، هل كانوا يعتذرون لو اعترض أعراب الخليج أو عرب الاعتدال أو محور النعاج شركاء الرذيلة خاصتهم ماضيا وحاضرا؟!.
صورة نتنياهو والجدار العنصري مثيرة للاشمئزاز، ومعادية للسامية، واساءة تستوجب الاعتذار الفوري من أباطرة المال ومنتجي الروايات الكاذبة ومزوري التاريخ، أما تشويه صورة العرب والمسلمين وتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم – ولن نتحدث عن الإساءة للرسول الأعظم والقرآن الكريم لأن المقاربة هنا لا تستوي بحال من الأحوال – فهو فعل مباح؛ والصورة مستباحة لا تقتضي اعتذارا ولا من يحزنون؟!.
الأنكى من هذا كله أن عشرات الصحف والمواقع نقلت خبر الرسم الكاريكاتيري وتداولته من "الاندبندنت" الى موقعي "سي ان ان" و "بي بي سي" الى غيرها وغيرهما، لكن أيا ممن نقل الخبر لم يتجرأ على اعادة نشر الرسم خلافا لما جرى مع ما يخص العرب والمسلمين من رموز ومقدسات.
هل نجحنا بهذا العرض في إثارة الاشمئزاز لدى أحد تجاه أفعال وممارسات ونتاجات الغرب المتصهين؟.. لم نقصد فعل ذلك، وربما لن نتعمد ذلك، وجل ما قصدناه تعمد إبراز فداحة البون الشاسع بين الحقيقي والمفبرك.. بين الواقع ونقيضه.. بين الواعي على ضلالة وبين الغافل ببلاهة، وباختصار، بين الحق والباطل..
وربما نوفق في المرة القادمة بإظهار مساهمة الأعراب الأشد كفراً ونفاقاً في توجيه الإساءة للمشرق في إسلامه وعروبته؛ وربما نورد حقائق عن إسهامهم في تمويل كل الأفلام وكل نتاجات الغرب والشمال المسيئة للشرق والجنوب.