تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفقي وعمودي

رؤية
الأربعاء 16-5-2012
سوزان إبراهيم

لا يمكن للإنسان أن يكون نتاج ذاته فقط, فهو يحمل إرثاً إجبارياً يأتيه من مصدرين: إرث عمودي يلاحقه من أسلافه وتقاليد شعبه وطائفته, وإرث أفقي ينبثق من عصره ومعاصريه- وفقاً لأمين معلوف- يبدو غالباً أن صراعاً بمستويات متعددة يدور بين هذين الإرثين, فمتى تكون الغلبة للعمودي- الذي نعيش طغيانه اليوم على مساحة البلاد العربية-؟

حين عمدت العولمة إلى توحيد العالم, برزت تناقضات حادة, فبدأ كل شعب يبحث عن هويته وخصوصياته, ويتشبث بها, فهو لايريد أن يكون نسخة عن غيره! لم يجد العرب التوّاقون إلى تعزيز الحاجات الروحية- رداً على القلق الوجودي- إلا الانتماء الديني وحده جواباً للرد على العولمة.‏

ولأن غياب أو تغييب الشكل العلماني, وغياب أو تغييب الوجود المنظم الواعي للطبقة العاملة يمنح البيئة الخصبة لنشوء بديل برداء ديني- وفقاً للعراقي فالح عبد الجبار- تغلّب إرثنا العمودي مرة أخرى على نظيره الأفقي.‏

منذ بدايات الستينيات عمد بعض أقطاب المؤسسة الدينية إلى صياغة طروحات اقتصادية وفلسفية وسياسية إسلامية كبديل للشيوعية والرأسمالية, تَعِد طبقة المنتجين الصغار بحلّ إسلامي أصيل غير مستورد- فالح عبد الجبار ثانية- (يمكن أن نضيف أن حركات مناهضة الاستعمار في عدد من دول الوطن العربي جاءت على يد حركات دينية بدافع محاربة الكفار).‏

سنخلص إلى أن هناك أسباباً منطقية دعت إلى تفوق إرثنا العمودي, ربما كان من أهمها ظاهرة ترييف المدن- مثل هذه الهجرة تنقل تأثير الريف إلى المدينة وليس العكس- وحين وقعت طبقة المنتجين الصغار في أزمة حادة نتيجة سياسات اقتصادية اغتالت لقمة عيشها, ولأننا لم نكن جديين في إقامة بديل علماني, ولأننا لم نخلق لهم مساحات للعمل الحزبي والسياسي المنظم التعددي, وجد كثير من أبناء هذه الطبقة أن الإسلام – المؤول سلفياً- هو الشكل الوحيد المتاح للمقاومة الاجتماعية.‏

اليوم نحن بحاجة إلى حلول حقيقية عبر ديمقراطية حقيقية وحداثة حقيقية, وعبر إعادة النظر في مفهوم الهوية لتكون المواطنة الحقة هي اختزال لكل الهويات الأخرى.. عندها قد ننجح في الانتصار للإرث الأفقي الذي يعيدنا إلى زمننا وعصرنا.‏

suzan_ib@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 سوزان ابراهيم
سوزان ابراهيم

القراءات: 1457
القراءات: 1396
القراءات: 1626
القراءات: 1536
القراءات: 1614
القراءات: 2010
القراءات: 1424
القراءات: 1545
القراءات: 1525
القراءات: 1594
القراءات: 1520
القراءات: 1637
القراءات: 1591
القراءات: 1533
القراءات: 1601
القراءات: 1638
القراءات: 1610
القراءات: 1645
القراءات: 1649
القراءات: 1596
القراءات: 1618
القراءات: 1659
القراءات: 1677
القراءات: 1687
القراءات: 1640

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية