, والقسم الآخر بات يفكر مليا بتخفيض حجم الإنتاج وتقليص ساعات العمل إلى النصف , باختصار قرار وزارة الكهرباء القاضي بزيادة أسعار الطاقة الكهربائية بنسبة 60% للصناعيين على اختلافهم , الأمر الذي احدث ردة فعل مباشرة في هذا القطاع الحيوي والهام , حين تداعى أصحاب وممثلو المنشات الصناعية للتعبير عن مواقفهم الرافضة للقرار المذكور , مطالبين الحكومة بالتدخل لدى وزير الكهرباء بعدم التسرع باتخاذ هكذا قرار وضرورة التراجع عنه وإلغائه بالسرعة الممكنة ....!
ومع اعترافنا الأكيد ان التكاليف التي تتحملها الحكومة والدولة بشكل عام مقابل توفير مصادر الطاقة بكل أنواعها للمواطن وللصناعي وللقطاعات الإنتاجية الأخرى على اختلافها , أمر ليس بتلك السهولة لا بل يشكل عبئا كبيرا على عاتقها , ولا ننكر أيضا إن هذه التكاليف كبيرة جدا وتدفعها الدولة عبر مؤسساتها المختصة لتوفير الخدمات الأساسية يوميا للمواطنين كافة , كما إننا ندرك جيدا أهمية تحقيق الجدوى الاقتصادية لهذا الأمر أو ذاك , وأهمية توفير نوع من التوازن بالمعادلة الاقتصادية ولو كان في حدودها الدنيا , من منطلق النظرة العامة لتلك المؤسسات على أساس كونها مؤسسات وشركات إنتاجية تحاسب وتعامل من مبدأ الربح والخسارة , كما لا ننسى أيضا ضرورة التزام جميع القطاعات بدفع ما يترتب عليها من التزامات مالية والمساهمة دون أي تأخير في رفد الموازنة العامة للدولة بموارد حقيقية تشكل بالنهاية الخزينة أو المحفظة المدخرة التي علينا جميعا مهمة دعمها وحمايتها وتنميتها لتكون خزينة عامرة باستمرار ..! كل ذلك يعتبر واجبا وطنيا يحتم علينا الالتزام المطلق به والعمل الجاد لتحقيقه , لكن بالوقت ذاته علينا أن نتحدث بموضوعية أيضا وان لا نكرر الخطأ مرة ثانية عندما أقدمت الحكومة منذ أشهر عديدة عبر عدة وزارات اقترحت آنذاك وقف استيراد البضائع باستثناء بعض المواد الأساسية وما لبثت أن تراجعت الحكومة عن قرارها المذكور بعد أن اكتشفت عدم صوابيته جراء إحداثه نوعا من الخلل والفوضى في السوق المحلية انعكست نتائجه سلبا على أسعار المواد لدى المستهلك ...!
واليوم نأمل ألا يكرر السيناريو ذاته في قطاع الكهرباء , وخاصة إذا علمنا أن أي زيادة في قيمة وأسعار مستلزمات الإنتاج للمنتج المحلي بالتأكيد سوف يعكسها الصناعي أو التاجر مباشرة في زيادة سعريه موازية أو ربما مضاعفة على المنتج النهائي للبيع إلى المستهلك ....! وهذا الواقع كنا قد لمسناه سابقا في شتى القطاعات الصناعية والإنتاجية المحلية وحتى في السلع المستوردة أيضا , أما في الجانب الأخر نجد أن الصناعي المحلي والمنتج الذي يحاول جاهدا كسب السوق المحلية لصالحه لم يعد هنا قادرا على منافسته السلع المماثلة والمستوردة من الخارج بشكل يحقق له عدالة المنافسة جودة وسعرا...! في وقت يتوقع فيه الصناعيون تقديم محفزات لهم على زيادة الإنتاجية عبر توفير نوع من الدعم المناسب للاستمرار في مضاعفة إنتاجهم وكي لا يكون ذلك مبررا جديدا لزيادة الأسعار ...! وكان الأجدى قبل اتخاذ هذا القرار مناقشة هؤلاء الصناعيين ومشاركتهم الرأي باعتبار القطاع الخاص رديفا أساسيا للاقتصاد الوطني ويسهم بقسط كبير بالتنمية الشاملة , فهل نستدرك الخلل ثانية قبل وقوعه ....!؟