أين يقف العرب اليوم؟! من يستطيع أن يحدد؟!
حتى اليوم هناك اعتبار واحد يحدد أين يقف العرب، بعضهم أو كلهم اليوم.. هو القضية الفلسطينية!!
لا أقول ذلك كأغنية مضافة إلى جوقة الغناء العربي أو كبيان نضالي.. أبداً.. إنما في وسط كل هذا الضباب الذي يحيط بالعروبة والأرض العربية.. وازدحام المواقف الغائمة وصخب الأصوات متفاهمة يوماً ومتخاصمة في يوم آخر.. «قوميون.. إسلاميون.. سلفيون.. يساريون.. ماركسيون.. متحالفون مع الغرب.. معارضات.. موالاة..» لا يستطيع أي عبقري أن يتتبع مساراً واضحاً بنقاط علام بارزة يحدد توزعات الصف أو الصفوف العربية، إن لم يستخدم القضية الفلسطينية كنقطة العلام ليس الأبرز فحسب بل المركزية الكلية.
أكثر من ذلك..
حتى القوى المتدخلة بالشأن العربي مؤيدة لهذا أو ذاك.. قارئة مصالحها عند هذا أو ذاك.. ليس لموقفها ما يحدده دون القضية الفلسطينية.. وإذا أخذنا الولايات المتحدة الأميركية كأبرز متدخل بشؤون المنطقة، يحاول فرض وصايته على كل لاعب فيها فإن مقدمة ما تريده أميركا ومعها أوروبا ومن يتبعهم هو أمن إسرائيل.. وهذا يعني تصفية القضية الفلسطينية.
على الطرف الآخر.. حيث روسيا والصين وغيرهما.. لهم مصالح في المنطقة لا تنتهي.. وهم يدركون جميعاً أن المنطقة الملتهبة تؤثر على مصالحهم التي تحتاج طابعاً سلمياً.. ومن ثمّ تكون القضية الفلسطينية كمفتاح لسلام المنطقة واستقرارها في مقدمة المواجهات الاستراتيجية لكل من يهتم بسلام هذه المنطقة.
الغرب والشرق يعلم ذلك.. بل هو يصرح بذلك.. يصرح الغرب بأولوية أمن إسرائيل على كل شيء ويصرح الشرق بحاجة هذا الجزء منه للسلام.. ومن ثمّ لابد من قراءة في واقع القضية الفلسطينية.
فقط العرب.. يعتقدونها تصفّت.. ويا فلسطين بخاطرك..؟!
حتى المقاومة الفلسطينية وضعت السلاح أو كادت واتبعت الترجي إلى حدود التسول للحصول على السمن والدبس.. ولا سمناً ولا دبساً لأن كل الحلول المطروحة ابتداءً من الموقف الأميركي وانتهاءً بمحادثات عباس - مشعل ووساطة «الربيع العربي» تحاول القفز من فوق القضية ومازال سورها عالٍ بجد.
اهتم الغرب واهتم العرب تحت رعايتهم.. بالربيع والخريف.. بالموالاة والمعارضة.. بالأديان والطوائف.. بالإرهاب والمساومات والتفاهمات.. بإيران ودول الخليج العربية.. لإحداث غربال في جسد المنطقة يتصفّى منه دم القضية التي كانت دائماً قضية العرب والمنطقة الأولى.. وكل اهتمامهم ذاك ورغم البراعة فيه وما بذل من أجله من أموال ودم.. لم يستطع أن يصفّي القضية.
فما العمل..؟!
هل ينقذهم معارض عربي أو سوري يعلن ضرورة وجود إسرائيل ودعوتها لنصرته على بلده..؟ لا أعتقد..
لكن..
اليوم وحتى يخبو الصوت سيبقى الغناء يا فلسطين بخاطرك.. وفلسطين ليست أغنية ولا وعد «جينالك» ولا إفلاس «بخاطرك».. بل هي حقيقة تفقأ عيون الجميع.
As.abboud@gmail.com