تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


واقعية الجدل وعبثية المحاججة..!

قضاياالثورة
الاحد 17/7/2005م
علي قاسم

يأخذ الجدل في الداخل الأميركي حول الانسحاب من العراق بعداً جديداً عشية النقاش الذي سيجريه الكونغرس الأميركي,

وتبدو قافلة المنضمين لضرورة الانسحاب قد اتسعت, بعد أن كانت في بدايتها مجرد أصوات لم يكن عدد الذين يصغون إليها ذا تأثير واضح.‏‏

ولكن الصورة اليوم مختلفة, والتطورات الأخيرة تبرز ذلك الاختلاف, بحكم أن ادعاءات الإبهار التي تعاطت معها الإدارة الأميركية قد تلاشت, ولم نعد نسمع العديد من المسؤولين فيها يتحدثون عن إنجازاتهم, ولا عن الخطوات التي يحققونها في العراق, بل باتوا يرددون خطاباً أقرب إلى الاعتراف بالخطر وبالصعوبات التي تعترض الاحتلال ويقرون بأن الوضع لا يسمح بالنظر إلى المستقبل بتفاؤل.‏‏

والقضية الأساسية ليست في خطاب الاعتراف من عدمه, بقدر ما هي في الصيغ السياسية التي يرغب البعض في تقمص روح الريادة فيها للدلالة على الوعي السياسي, والحديث عن المتغيرات, وكأن تلك المتغيرات لم يرها أحد سواهم.‏‏

والأخطر ألا يقبل أولئك الاعتراف, في الوقت الذي تبادر الإدارة الأميركية إلى الاعتراف وأن يراهنوا على ما بدا أن إدارة بوش تعيد النقاش حوله, ولاسيما ما يتعلق منها بالمشروع الأميركي الخاص بالمنطقة.‏‏

الرئيس الأسبق للمخابرات المركزية الأميركية ومساعد وزير الدفاع الأسبق جون دويتش, يقر بأن المشروع الأميركي الذي دفع به المحافظون الجدد لم يعد قابلا للتحقيق, وأن استخدام القوة للتغيير, لابد من تبديله, إضافة إلى إقراره المسبق بأن الانسحاب الآن من العراق, ولو ضاعت المصداقية أو تآكلت, أفضل من إعلان الهزيمة التي لن تكون المصداقية ضحيتها الوحيدة.‏‏

وثمة لائحة طويلة بأسماء شخصيات مهمة في السياسة الأميركية قاربت ذلك الذي ذهب إليه دويتش, بل هناك من كان أكثر وضوحا حين لم يكتف بطلب الانسحاب, وإنما أيضا بمحاسبة المسؤولين عن هذه الحرب, وستكون نقاشات الكونغرس مناسبة لأصوات أخرى لم يسبق لها أن انتقدت علنا الحرب, ولم تطالب جهارا بالانسحاب منعا لما هو أسوأ.‏‏

وفق هذه المعطيات ألا يحق التساؤل عن الخطايا الكبرى التي يقع فيها أولئك الذين يدعون الاستجابة للمتغيرات, وهم أول من يرفض الاعتراف بالمتغيرات الأخرى, وليس الأخيرة..?!‏‏

لاشك أن الحاجة الفعلية تستدعي مراجعة للكثير من حالات التسويف التي ينتهجها البعض تحت مسميات تتبدل, وتتلون وفقا لواقع شديد التبدل وكثير التعرج أفضى إلى مآزق كبرى في الواقع السياسي العربي كانت إحدى أهم مخاطره الخلط الخطير بين الواقع والوهم إلى درجة المراهنة على أوهام كثيرة, لا طائل منها.‏‏

وكذلك ثمة حاجة أكثر إلحاحا للقول إن الغرق في تسويق الكثير من الأفكار على أنها مسلمات, يبدو أشد كارثية, وخصوصا لدى الذين لايرغبون في الاعتراف بأن الرهان لم يكن مقنعا, ومن الخطأ الاستمرار فيه.‏‏

ما يجري في الداخل الأميركي, يفترض القراءة المنطقية, لأن ما يثار عن ذلك الجدل ليس الحقيقة كلها, لكنه بمعيار اللحظة, تعبير عن تحولات لابد من التعاطي معها بواقعية, تأخذ في عين الاعتبار فرضيات وخيارات أخرى, تمليها معطيات الإدراك الأميركي, بأن التحولات كانت مغايرة لكل أو بعض ما كانوا يراهنون عليه.‏‏

لذلك فإن المحاججة تبدو رهينة أحلام لم تكتمل, ولم تبصر النور, وهي بكل المعايير عبثية, تشير إليها بكل وضوح تداعيات الجدل وواقعيته من حيث المنهج, ومن حيث النتيجة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7093
القراءات: 1012
القراءات: 1170
القراءات: 957
القراءات: 958
القراءات: 944
القراءات: 1076
القراءات: 907
القراءات: 846
القراءات: 943
القراءات: 992
القراءات: 877
القراءات: 815
القراءات: 866
القراءات: 1070
القراءات: 949
القراءات: 768
القراءات: 956
القراءات: 977
القراءات: 1038
القراءات: 993
القراءات: 871
القراءات: 1041
القراءات: 950
القراءات: 1081

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية