يَتشارك معه كل الملفات وليس بينها ما هو مُغلقٌ عليه، باختصار هو المَنصب الأكثر أهمية، يَتقدم على نائب الرئيس عَملياً.
بولاية رئاسية أولى لمّا تَنته بعد، جون بولتون يُقال بتَغريدة من دونالد ترامب، وهو الذي يَستعد لتَعيين مُستشار رابع بعد إقالة مايكل فلين، والجنرال ماكماستر، وربما يَستعد لتعيين ثالث وزير للخارجية بعد ريكس تيلرسون، ومايك بومبيو، من يَدري؟.
خلافاً لأسلافه، وبحالة غير مَسبوقة، ترامب يُغيّر المُحيطين به كما لو أنه يَفعل بديكور غرفة الجلوس لا المكتب! ما السبب؟ الخلافات كما قال في كل مرة مع تيلرسون وفلين وماكماستر؟ أم أن الأمر يَتعدى ذلك؟.
هل يتعلق الأمر بسوء اختيار الأشخاص؟ أم بتَعثر السياسات والخطط؟ أم بالمزاج الشخصي للرئيس الاستثناء في كَمِّ الرعونة، والاستثناء باختلاف الخبرة، والاستثناء بالنظرة والتقديرات للعالم، للقوى، للتوازنات، للمال والاقتصاد، للعلاقات الدولية، للقوانين والاتفاقيات؟ هل يقف العالم أمام من لديه هَوس مُتعدد الاتجاهات يَجعله غير مُتوازن؟ أم أنه فعلاً غير لائق؟ هل كان صندوقاً مُغلقاً تَجهله أوساط حزبه؟ ولماذا جِيء به إذا كانت تَعرفه؟.
ما موضوعات الخلاف بين الرئيس ومُستشاره الأهم؟ كوريا، روسيا، فنزويلا، كوبا، (إسرائيل)، إيران، الصين؟ على نَحو أدق، ما الموضوعات الخلافية التي فَجّرت الموقف واستدعت الإقالة؟ أقصف إيران كطلب لبولتون لم يَقبله ترامب؟ هل تتعلق بإيران فقط؟ أم بصفقة القرن وروسيا وسورية والعراق أيضاً؟.
بولتون قارعُ طبول للحرب، شأنُه شأن أمير الظلام والفريق إياه الذي كان منه، وفي مُقدمته إلى جانب وولفويتز وبيرل وآخرين، لكن ترامب هل هو أقل شأناً منهم؟ ها هو يَشن حروباً ولا يكتفي بقرع طبولها، اقتصادية مع الجميع، ضد الحلفاء والخصوم، وعسكرية ضد كل الأعداء التقليديين لأميركا الرافضين لهيمنتها ولسياسات البلطجة خاصتها، إذاً ما المُستجد بالخلافات؟.
سيَنتظر العالم، والرأي العام، ليَتعرف إلى حجم الخلافات التي أودت ببولتون، أو ليَعرف جزءاً مما سيُسمح قوله في هذا السياق، ويُعتقد أنه لن يُكشف بجميع الحالات عن الحقيقة، ذلك أنّ الخلافات، والمزاج، والتناقضات، إذا احتلت مساحة ما دَفَعَت ترامب للإقالة، فإنّ المساحة الأكبر تَحتلها أشياء أُخرى لها علاقة بطبيعة النظام الأميركي الامبريالي، وبما وصل إليه.
بمَعنىً آخر، مُسلسل الإقالات داخل البيت الأبيض، بالشكل، هي إقالات تَتَغير معها الوجوه، غير أنها بالعُمق، تُؤشر لأزمات أميركية داخلية خانقة، ولأزمات دولية هي من مُفرزات السياسة الأميركية في الهيمنة والإلغاء والشطب والمُصادرة، وقولاً واحداً على المستوى الأميركي هي أبعد من تَغيير اقتضته السياسة والأمزجة، أو استدعته الضرورة والتطورات.
الإقالات المُتعددة في ولاية رئاسية أميركية لم تَنته مدتها الزمنية، هي تَعبير واضح عن العجز والإخفاق، هي أقوى المُؤشرات على تَآكل نظام الهيمنة من الداخل، هي إعلانٌ رسمي بانتهاء صلاحية نظام القطب الواحد بظل المُتغيرات والتَّحولات الكبرى الحاصلة.
انتظروا القادم.. هو أعظم، سيَبلغ مُستويات التَّفكك والانهيار.