فالطابع الدعائي الغربي على ما يفعله الغرب في هذا الشأن يفوق بكثير الواقع العملي الذي تقوم به روسيا في الجو.. والجيش العربي السوري على الأرض، والذي حوّل التنظيم الإرهابي من حالة التمدد إلى التقلص في الكثير من الأماكن التي يوجد فيها.
تحاول الدول الغربية إيهام مواطنيها والعالم بأنه يمكن القضاء على الإرهاب بالعمليات العسكرية والأمنية لكي لا تقوم بالأمور الجوهرية الكفيلة باجتثاث الإرهاب، وفي مقدمتها وقف التمويل والتسليح ومعاقبة الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية.
إن التقييم الموضوعي لما تقوم به الدول الغربية ضد التنظيمات الإرهابية يساوي لا شيء إزاء ما تفعله سورية وروسيا والعراق، الأمر الذي ينعكس على هذه الدول بتهديدات إرهابية واعتداءات إرهابية كما حصل في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
كما يصبّ تجاهل الدول الغربية للقوى والدول التي تكافح الإرهاب بفاعلية نوعاً من دعم الإرهاب، لأن عدم التعامل مع هذه القوى والدول وعلى رأسها سورية والجيش العربي السوري مؤشر خطير وحقيقي على عدم جدية الدول الغربية وأدواتها في المنطقة في مكافحة الإرهاب.
إن تمدد التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها «داعش» إلى الخليج واليمن ومصر وليبيا وتونس والجزائر وفرنسا وأميركا لم يكن ممكناً لولا التراخي الغربي في مكافحة الإرهاب واعتماده على التنظيمات الإرهابية في تحقيق نواياه الخبيثة في المنطقة وخارجها.
لا شك بأن ما حصل في باريس وكاليفورنيا حرّك الجمود الذي كان يلفّ الغرب حكومات وشعوباً، ولكن عدم القبول بالأعمال الإرهابية في الغرب والسكوت عنها في مناطق أخرى من العالم ينطوي على مخاطر كبيرة جداً ويفترض بالقوى الفاعلة في المجتمعات الغربية أن تُنحّي النظرة الأحادية إلى الأعمال الإرهابية وتضغط باتجاه العمل الدولي الموحد لدحر الإرهاب في كل أنحاء العالم، وأيضاً حتى الآن لا نجد مثل هذا التوجه في المجتمعات والقوى السياسية الغربية التي طمرت رأسها في التراب طوال خمس سنوات من دعم الغرب وادراته في المنطقة للتنظيمات الإرهابية في سورية والدول الداعمة لهذه التنظيمات.
وعلى الشعوب الغربية أن تعلم بأن استعراض الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأميركي وتمرير لقطات لصعود وهبوط الطائرات المكلفة باستهداف تنظيم داعش في سورية والعراق في القنوات التلفزيونية لن يحول على الإطلاق دون تعرضها لهجمات إرهابية وأن تضغط باتجاه التنسيق مع روسيا وسورية والعراق وغيرهم لتحقيق نتائج حقيقية وليس حصد لقطات تلفزيونية.
إن محاولة السلطات الأميركية إخفاء طبيعة هجوم كاليفورنيا الإرهابي وتأخير الإعلان عن ذلك لامتصاص نقمة المجتمع الأميركي على السياسات الأميركية تصبّ في دعم الإرهاب وداعميه لا يمكن تفسيره إلا في إطار التستّر على الإرهابيين، في ضوء ما صدر من تصريحات للمسؤولين الأميركيين الذين تأخروا عن قصد في اعتبار ما تعرضت له كاليفورنيا عملاً إرهابياً الخميس الماضي.