وانطلاقاً من ضرورات ترجمة الدعوات الحارة للتطوير والتنمية وتنويع مصادر الدخل والانفتاح على الحضارات.. وربما، تجسيداً للرؤية التنموية المستقبلية التي أطلقها محمد بن سلمان ولي ولي عهد المملكة بعنوان السعودية 2030 أعلنت جهات تنظيمية في محافظة جدة السعودية تنظيمها مسابقة «أجمل كلب» في مركز الملك عبد العزيز الثقافي كما أوردت ورقة الدعوة.
الدعوة غير المسبوقة أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي التي انقسم روادها السعوديون بين مؤيد ومعارض.. إذ علقت إحداهن قائلة «هذه المرة مسابقة جمال للكلاب، والمرة القادمة للحريم»!.. ورغم أن السلطات سارعت لإلغاء المُسابقة، إلا أن مراقبين يرون أن إعلان الدعوة لمسابقة كلاب تعتبر جرأة، وخروجاً عن ضوابط المنظومة الدينية التي تحكم البلاد، وان مثل هذه الأمور عادة هي جس «نبضات» متوالية، يفرضها الحاكم السعودي ثم يسارع إلى إلغائها، لكن الأيام القادمة كما يؤكد هؤلاء المراقبون ستكون مليئة بتلك الدعوات «الغامضة» وغير المألوفة، حتى يألفها شعب بلاد الحرمين ويعتادها!
أما أنا فقد وجدتها بالفعل دعوة عادية.. وفي السعودية بالذات ولا تستحق جدالاً، ليس لأنني أقاربها بطريقة ما يجري في البلدان الغربية من مظاهر استهلاكية، بل لأن مسابقات «أفحل تيس» و«أجمل ناقة» و «أسرع بعير» و «ألذ بول بعير» تجري عادة في أرض تلك المملكة وبين سكانها، بل وهي متداولة على نطاق واسع ويجري هدر عشرات ملايين الدولارات في مزاداتها، وتبث بنقل مباشر على الشاشات الفضائية.. فلماذا وبماذا تختلف الكلاب عن التيوس أو النوق أو الأباعر والبعران، كما يجمعها معجم المعاني الجامع.. خاصة أن الكلاب ذات أهمية خاصة في المجتمعات الرعوية كالمجتمع السعودي وحيث يأتي الأجنبي ليبني ناطحات السحاب فيما السعودي لا يزال يرعى؟
وإذا ألغيت مثل هذه المسابقات الخاصة بالكلاب والتيوس والأباعر والرعاة، فأي نوع من المسابقات يفترض أن يجري على أرض الربع الخالي.. مسابقات المعلوماتية والكومبيوتر مثلاً، أم مسابقات المعارض الزراعية والصناعية والإبداعات الفردية وغيرها.. خاصة أن لا مسابقات جمال للنساء أبداً.. ليس لافتقاد الجمال عند السعوديات بل لأن رؤية جمالهن بدعة وكل بدعه ضلالة، وكل ضلالة في النار؟
الأهم من هذا وذاك، اعتقادي أن رؤية السعودية 2030 والتي تعود حقوق ملكيتها «الفكرية» إلى محمد ابن سلمان، وتدعو إلى الانطلاق بالسعودية إلى ما بين الكواكب والنجوم عند حلول العام 2030 وعبر فيض الكفاءات العلمية المحلية وشلال الخبرات التقنية السعودية.. يستدعي بالضرورة إقامة مثل هذه المنافسات بين الكلاب والتيوس والنوق فلعلها تعطي نتائج أفضل من الوهابية والتكفير والإرهاب التي أعطته منافسة السعوديين لغيرهم من أهل الأرض؟