| السلام لا الوهم الافتتاحية حتى الآن كل المساعي والخطابات والبيانات والتوجهات حول سلام الشرق الأوسط، لا ترقى إلى مستوى حسن النيات، وإذا اعتبرنا حركة الأساس لمسعى السلام هو مؤتمر مدريد عام 1991 فإن هذا المسعى اليوم متراجع الى ما قبل مدريد..؟! وهذا لا يعني هدر الزمن وإعطاء مساعي السلام طابعاً متثائباً متراجعاً وحسب.. بل يعني أيضاً هدر الجهود والمبادرات التي كادت تصل بالمنطقة إلى السلام.. في مدريد كان الأساس، الأرض مقابل السلام، الحقوق المشروعة لشعوب المنطقة، ومرجعية قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها القراران 242 و338. اليوم ورغم تفاؤلنا الحذر.. مع الإدارة الأميركية وكل الأجواء التي سادت العالم مع رحيل إدارة جورج بوش الثاني.. نرى أنه عوضاً عن السعي للأمام خطوة ،هناك محاولات للنكوص إلى الوراء خطوات. بعد مدريد كانت هناك مباحثات حقيقية، وكان جهد أميركي عربي عالمي استطاع أن يضع تصورات وحدوداً ترسم رؤى الأطراف المتنازعة.. وكان ذلك خطوة حقيقية للأمام.. في مقدمة هذه التصورات..أن الحدود التي يُبحث فيها لرسم خريطة إنهاء الاحتلال بوابة لمشروع السلام هي خطوط الرابع من حزيران 1967. وهو خيار سياسي اجتماعي صحيح، لأن الاحتلال الذي قام مشروع السلام انطلاقاً من مدريد لإزالته تمهيداً للسلام تحت شعار «الأرض مقابل السلام».. هو احتلال إسرائيل للأراضي العربية بعد الرابع من حزيران 1967.. وعلى ذلك نص أيضاً القراران 242 و338 اللذان مازالا يشكلان المرجعية الشرعية الدولية لعملية السلام.. وفق المنظور السياسي والحقوقي العالمي هذه أرض محتلة، وعلى ذلك تنص قرارات الشرعية الدولية.. ومن منظور اجتماعي فإن عودة هذه الأراضي إلى أصحابها، وضمان حقوقهم، سيساهم في إقناع مجتمعات المنطقة بجدوى السلام وإمكانات قيامه واستمراره. ونرى أن أي محاولة لخرق هذا أو ذاك ستؤدي إلى عودة القضية إلى أصلها، الذي هو احتلال فلسطين وقيام اسرائيل، فاتحة أبواب المنطقة على مجاهيل غير محدودة.. وغير محسوبة، وأؤكد أنها غير محسوبة من قبل إسرائيل أولاً والراعي الأميركي ثانياً ومن بينهما. يجب أن يقدروا جيداً.. ماذا يعني أن يُعهد بمساعي السلام لحكومة يمينية عنصرية، تقوم على دعم الاستيطان وتسويغ الاحتلال والفصل العنصري. وأن يقدروا بعد ذلك ماذا يعني إحباط السلميين في المنطقة، وماذا تعني خطوط 4 حزيران 1967، وماذا يعني تجاوز كل الجهود والتصورات التي تحققت بالنكوص عنها. ان كل ذلك يفتح الأبواب لما لا نراه الآن. إذا كان رعاة السلام حريصين عليه فليحذروا هذه اللعبة الخطرة.. أي العودة إلى تحت الصفر لطرح رؤى عاجزة عن الدفاع عما تراه. وإذا كان العدو الإسرائيلي يحلم أنه يستطيع أن يمضغ ويهضم أرضنا وحقوقنا وأحلام السلام معها عبر سياسة تجاوز قرارات الشرعية الدولية وتبني الاحتلال ونشر الاستيطان، فهو بالتأكيد واهم.. وأستعير إشارة من القائد الخالد حافظ الأسد تعقيباً على التعنت الإسرائيلي في مسألة السلام تذكر أنه ليس في التاريخ أمة ضعيفة ظلت على ضعفها، ولا أمة قوية ظلت على قوتها. وأول مستحقات السلام ألا يكذب أحد على منطق التاريخ.. بعيده وقريبه.. وألا يخدر ذاكرته في جنوب لبنان أو في غزة.. نريد السلام لا الوهم .. ولدينا الكثير نفعله لتقوى احتمالاته في مقدمته ترتيب وضع البيت العربي من فلسطين إلى لبنان والعراق.. لنقوي جدرانه بالموقف والمقاومة. a-abboud@scs-net.org
|
|