وإن هؤلاء المسؤولين الجهابذة طالبوا الشركة اليابانية بمساعدتهم في تفسير كيفية حصول التنظيم الإرهابي في العراق وسورية وليبيا على عدد كبير من الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي «بيك-آب وتويوتا لاند كروزر وتويوتا هيلوكس».
لقد أثار تساؤل الاستخبارات الأميركية هذا موجة من الاستهجان في الأوساط العالمية، لدرجة وصف بها بعض المحللين الاستخباريين المسؤولين الذين طرحوا مثل هذا التساؤل بالغبي في التعبير عن حالة «الاستغباء» في هذا الشأن.
لا شك أن جهاز الاستخبارات الأميركي «سي آي إيه» وبحكم العلاقات الوثيقة بين واشنطن وطوكيو يستطيع أن يعرف منذ متى وكيف وإلى أين ذهبت «أساطيل سيارات تويوتا» وكيف سُلّمت إلى تنظيم «داعش» ومن سلّمها ،وهذا ليس بالعمل الصعب لأي جهاز مخابرات يريد التمحيص أو لديه مصلحة في ذلك .. حيث يمكن من خلال رقم الشاسيه معرفة تفاصيل كثيرة عن هوية السيارات بالكامل.
وكذلك يمكن معرفة طريق سير هذه السيارات من دراسة وتحديد الدول والمرافئ والمطارات التي من الممكن أن يدخل إليها هذا العدد الكبير من سيارات «تويوتا»، حيث من المستحيل أن تدخل هذه السيارات من مرفأي طرطوس واللاذقية أو مطارات اللاذقية وحلب ودمشق والقامشلي أو من المرافئ والمطارات العراقية التي تقع تحت سيطرة الحكومة العراقية.
من المؤكد أن جهاز الاستخبارات الأميركي يعرف أن مسير هذه الأساطيل يمر عبر دول الخليج والأردن من جهة وتركيا من جهة أخرى فيما يتعلق بسورية والعراق، أما بشأن ليبيا فالتجار هناك كُثر ولكن الأقمار الصناعية الأميركية والغربية ترصد على مدار الساعة السواحل الليبية وبإمكانها لو أرادت منع دخول سيارة إلى ليبيا.
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه من جديد هو.. ما الهدف الذي يسعى إليه «سي آي أيه» من إثارة هذا الموضوع ؟ والجواب ببساطة.. ابتزاز الدول والقوى والجهات المتورطة في إيصال هذه السيارات إلى تنظيم «داعش» وكسب المزيد من المال للخزائن المالية في الولايات المتحدة أو تمويل مشاريع عدوانية جديدة للاستخبارات الأميركية بعيداً عن الرقابة المالية والكونغرس الأميركي.
قد يستغرب البعض مثل هذا الاستنتاج ولكن من يتمحّص في تمويل خطط وبرامج الاستخبارات السرية الأميركية وما نشر بهذا الخصوص سيرى أن «سي آي أيه» لم تترك وسيلة للحصول على المال إلا واستخدمتها، وفي مقدمتها ابتزاز الدول وبيع المعلومات وفبركة الأكاذيب والمتاجرة بالمخدرات وبيع الأسلحة في السوق السوداء، والملف يطول كثيراً بدءاً من حرب فيتنام مروراً بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة وليس انتهاءً بالحروب الإرهابية في الشرق الأوسط.
ولا يُستبعد إسهام الاستخبارات الأميركية المتورطة حتى العظم في الحرب الإرهابية على سورية ودعم تنظيم «داعش» في العراق في دفع أدواتها «الخليجيين» لشراء هذه السيارات وتسليمها لتنظيم «داعش» عبر تركيا والأردن، ومن ثم ابتزاز هذه الأدوات في هذا الملف والضغط عليها لدفع المزيد من المال لتمويل أنشطة الاستخبارات الأميركية السرية في المنطقة وخارجها.
وإذا ما ربطنا القرار الأميركي بالاحتفاظ بأعداد من الجنود الأميركيين في أفغانستان فستكون الصورة أوضح، وسنرى أن مزادالابتزاز الأميركي للدول التي تورطت في الحرب الإرهابية على سورية والعراق سيتواصل ربما لسنوات إلى الانتهاء من صرف الأموال الخليجية في البنوك الأميركية.
إن نفي شركة «تويوتا» التي أصبحت جزءاً من ماركة «داعش» امتلاكها أي معلومات حول وصول سياراتها الحديثة إلى التنظيمات الإرهابية ينطوي على محاولة الهروب من الابتزاز لكن ذلك لا يعفيها من المسؤولية، وبإمكانها حظر بيع مثل هذه السيارات إلى الدول المجاورة لسورية والعراق تطبيقاً للقرارات الدولية في مكافحة تمويل الإرهاب.