تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حبــــــر الحــــــرب

من داخل الهامش
الاثنين 19-8-2019
ديب علي حسن

قديمة هي الحروب,منذ أن كان الإنسان على وجه الأرض, بل ربما يصح القول: إنها الثابت الذي لايتغير, وإن تبدلت الاسباب فلكل حرب أسبابها التي تدفع بها, ولها من يحرض عليها ويعد الناس وقودا لها,

وهذا لن يكون من خارج التفكير, وبالتأكيد التفكير ليس خارج اللغة, فهل يمكن القول: اللغة بطبعها تميل إلى العنف, هي التي تعد وتحرض للوصول إلى اللحظة التي لاعودة فيها؟‏

ولكن مهلا: اليست اللغة من حذر من الحروب ونارها وشررها, وما الحرب إلا ما علمتم؟ غريب أمر هذه اللغة وحبرها, تعد النار وتشعلها وتعمل رجل إطفاء, هل هذا لغز وسر من أسرار اللغة التي نتحدث عنها بوصفها وسيلة عنف؟‏

ربما يكون ذلك وجها من وجوه عدة, ولكنه ليس الأساس, نعم اللغة عنيفة قاسية, حادة, قادرة على الفتك, كما هي قادرة على الندى وبلسمة ما كان, الكلمة الطيبة صدقة, والصدقة تحيي, واللمة شرر مستطير لايمكن أن نعرف حدود ناره, هل نتابع في فقه اللغة كيف كان القدماء يتحاشون ذكر بعض الأمور خوفا من حضورها (هداك المرض) عن السرطان, يخيل إليهم إذا ما تم ذكره فإنه سيكون حاضرا, وأليس حاضرا في البال فعل المعوذات والتمائم والكتابة على الجسد, من وشم وغيره من أشياء؟‏

اللغة كائن حي, يمرض ويشفى, ولكنه يصيبنا بالمرض الذي لابراء منه حين لا نعرف كيف نتعامل معه (المصطلحات) وما تجره وتحمله من معان, أليست الحرب علينا في سورية حرب مصطلحات؟‏

أليست حرب ثقافات ضدنا؟ ألم تهيأ أسباب الحروب من خلال الضخ الاعلامي والفكري والثقافي, وهل هذا يكون خارج اللغة؟‏

حبر الحرب, حبر اللغة ليس عاديا, ولايمكن للغة التي تهيىء أسباب الحروب وتشعلها أن تكون خارج نارها وشررها, وعلى مبدأ العامة (طباخ السم يذوقه) فكيف للغة الكائن الحي, هي أول الضحايا, بمفرداتها ومصطلحاتها, وتعابيرها, هي التي تنتهك خصوصيتها ويشتق كل طرف ما يظنه الأنسب ويحمله ما يريد من معان, إن كانت لاتقترب من المفردة نفسها, يضاف إلى ذلك موت مفردات, واستحضار بعضها,من معجم الموت,تظهر قذارات ما اختفى, لاشيء يبقى مدفونا في بطون المعجمات والكتب والناس.‏

كأن القيء يريد أن يبقى على السطح, وما اكثر ما تم استحضاره في الحرب على سورية من هذه الموبقات التي كنا نظن أنها قد دفنت إلى غير رجعة.‏

وكما تستحضر الأوضار والشوائب, ثمة ندى يهل من الشعر والأدب والفكر, ثمة إثراء لابد أنه يشق طريقه, نعم اللغة تشعل حروبا, ولكنها أول ضحاياها إلى أن يستيقظ حراس اللغة.. وهذا ما يمكن الحديث عنه مطولا تحت عنوان (حبر الحرب..في اللغة والأدب والإعلام).‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 640
القراءات: 644
القراءات: 668
القراءات: 561
القراءات: 581
القراءات: 655
القراءات: 703
القراءات: 674
القراءات: 547
القراءات: 750
القراءات: 633
القراءات: 624
القراءات: 609
القراءات: 631
القراءات: 615
القراءات: 566
القراءات: 682
القراءات: 588
القراءات: 656
القراءات: 633
القراءات: 698
القراءات: 667
القراءات: 687
القراءات: 606
القراءات: 657

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية