فيما الدم الفلسطيني ينهال شلالاً في غزة على مدار الساعة, وفيما المدمرة الاميركية (كوول) ترسو وتتحفز قبالة شواطئنا, كدفعة اولى في حساب يقدر بعض المراقبين انه سيصل قريباً الى تسع مدمرات وحاملات طائرات وفرقاطات, وفيما بعض العرب يغرق حتى اذنيه في جدال البيضة والدجاجة حول القمة العربية?
كأنما بعض العرب مااعتادوا ان يجددوا هواءهم كل عام, على الاقل, في موعد ثابت ومحدد, فلا النوافذ المشرعة والابواب المفتوحة من تراثهم, ولا الاجتماع والمكاشفة من خصائصهم. وكأنما بعض العرب إياه لايجد في القمة سوى تشريفات وموائد وثرثرات جانبية.. و(صكوك غفران) يتأبطها, وعلى العرب الآخرين ان يمهروها له بدمائهم, فلا القمة معقد أمل لمئات الملايين منهم, ولا هي بيتهم الذي ينبغي ان يتسابقوا إليه كلما ألمت بهم النوازل والطوالع !
لولا فرقة العرب وتحزبهم واعتياد بعضهم الهواء الفاسد, لما كانت غزة تئن دون بلسم, ولما كان دمها ينسفح بكل هذه البرودة والتثاقل الدولي, فلا يجد بان كي مون إلا لوم الفلسطينيين على بخلهم ببذل الدم تحت المقصلة الاسرائيلية, ولاتجد كوندوليزا رايس من يطأطىء الرأس لها وهي تتحدث عن (عذابات) الاسرائيليين, ولما وجد اولمرت في غزة ضحية دم.. يقدمها على مذبح هزيمته في لبنان?
ولولا فرقة العرب والهواء الفاسد الذي يلفح انوف بعضهم والعقل, لما كان العراق محتلاً ولما كانت المدمرات وحاملات الطائرات تجوب مياه العرب, تترصد نفطهم كما غرف نومهم ثم تقتل اطفالهم, ولما كان الرئيس بوش يحلف ايماناً مغلظة لشعبه, وليس للعرب, ان لايسحب جندياً واحداً من العراق طالما هو في البيت الابيض?
ماكان العرب أحوج الى القمة من حاجتهم اليوم, ولا هم احوج الى الهواء النظيف من حاجتهم اليوم, فمابين العربي والعربي ليس (دبسا وعسل), ولا بين العرب من لايتذوق المرارة والحنظل. ليست القمة جلسة سمر يمكن ان تؤجل, بل هي طوق النجاة لأمة توشك على الغرق?