ورغم عمليات المداورة هنا وهناك، ثمة حقيقة يصعب تغييبها، بل لا يمكن تجاهلها، إذ إنه منذ اللحظة التي وافقت فيها سورية على خطة أنان اندفعت تلك الأدوات والأطراف إلى التشكيك تارة والتجاهل تارة أخرى، فيما كان التصعيد متواصلاً ومستمراً دون توقف وفي كل الأوقات.
على الأرض .. عمليات المسلحين والتي تم توثيقها شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في ردّ عملي من قبل تلك الأطراف على موافقة سورية، فيما التصعيد السياسي لا يحتاج إلى دليل ولا توثيق، وهو ماثل في كل الاتجاهات.
أمام هذين الخطرين اللذين يتهددان مهمة المبعوث الدولي لا بد من التوقف طويلاً، بل البحث في التفاصيل التي تقف خلفها وبهذا الشكل الفاضح والمريع بأن التحدي لم يكن فقط وليد عوامل داخلية بقدر ما هو تصنيع خارجي سياسي وإعلامي لم يتوقف، ولا يوحي بأنه يمكن له أن يتوقف في المدى المنظور.
الأخطر في سياق كل ما يواجهه السيد أنان أنه محكوم حتى اللحظة بتلك التداعيات التي يمكن لها أن تجر المزيد من العقبات حين ستصطدم بفوضى التشرذم التي يعتاش عليه المسلحون للاستمرار في هذا التصعيد، وهم يلمسون دعماً علنياً لم يقتصر على الدعم السياسي، بل أيضاً في الأموال التي ستأتي، وهذه المرة بالفم الملآن على شكل رواتب ورشاوى للقتلة.
والأمر ذاته ينطبق على الخيارات الصعبة التي سيكون عليه ان يجتاز من خلالها حقول ألغام زرعتها وتزرعها تلك المواقف المتطرفة، التي يصعب معها المواءمة وتحت أي سقف بين البحث عن حلّ سياسي وبين ضخ إعلامي ودعوات تشجع على الإرهاب والقتل.
منذ البداية كنا ندرك أن المشكلة ليست لدى سورية، بل هي بكل معطياتها لدى أولئك الذين أشعلوا الأزمة وأججوها إلى الحد الأقصى ودون توقف، وقد لمس على ما نعتقد السيد أنان ذلك، ونستطيع أن نجزم اليوم أنه بات أكثر إلماماً بها وبتوصيفاتها والوقائع أمامه .
وما نجزم به أيضا أن السيد أنان قد عرف غريمه وتعرف على أوصاف أعداء مهمته وهم يعلنون عن أنفسهم جهاراً والأسئلة الصعبة ذاتها يدركها ..من يضمن هذا القاتل ..من يوقفه .. من يلزمه بما وعد، ورعاته العرب والإقليميون والدوليون ماضون في تحريضه .. وفي تسليحه وفي تمويله؟!
a-k-67@maktoob.com