يعرفون جيدا أن التمويل والتسليح هو فقط ما يبقي ملف الأزمة في سورية مفتوحا وساخنا , وأن لا حراك شعبيا أو سياسيا في سورية يستدعي الصدام والعسكرة بين التيارات السياسية السورية المختلفة .. بالسيناريو الذي يتبنونه ويعملون من أجله, فإنهم يعرفون بالتالي , أن أي مهمة سياسية دولية أو عربية أو إقليمية , وبينها مهمة الموفد الدولي عنان الراهنة , لن يكتب لها النجاح طالما هم يواصلون تمويل الإرهاب وتسليحه في سورية .
ليست النيات الخبيثة ولا الولاء والعمالة لأميركا وإسرائيل, وبالتالي , العداء المستحكم لنظام الحكم والشعب في سورية, هي وحدها التي تقف وراء السعار السعودي القطري على لعب ما يلعبونه من أدوار تخريبية إجرامية في سورية , بل إن ما تشهده بلدانهم من حراك شعبي وسياسي متنام يوميا ضد أنظمة حكمهم وفي مواجهتها , هو السبب الحقيقي وراء محاولاتهم الإبقاء على الانشغال بالملف السوري , عبر محاولة تصدير أزماتهم إلى الخارج , وإلهاء شعوبهم وشغلها بما يدور خارجا , ومن ثم محاولات تقديم تلك الأنظمة العفنة المتخلفة القادمة من ما وراء التاريخ والعصور , والمتلطية خلف أستار الدين على أنها نماذج للحكم الرشيد العادل .
ولأن حكام السعودية وقطر , وتحت وطأة الأدوار العميلة التي يلعبونها إرضاء لأميركا وإسرائيل ومشاريعهما في المنطقة العربية , عاجزون عن التفلت من هذه الأدوار , التي تحفظ لهم مصالحهم وبقاءهم حيث هم في عروش النهب والاستئثار بالثروة , فإنهم عاجزون أيضا عن الاستقلال بإراداتهم وقراراتهم , وعاجزون عن الإقدام على أي إصلاح داخل كياناتهم لأن ذلك يعني بالمطلق زوالهم واحتراق عروشهم .
وبطبيعة حال التركيبة السياسية لدول الخليج فإن انهيار نظام الحكم في السعودية من خلال الحراك الشعبي والسياسي في الجزيرة العربية ... يعني بالتأكيد انهيار أنظمة الحكم في بقية دول التركيبة , وإذا كان ذلك صعبا ومستحيلا في كل الأوقات السابقة , فإنه اليوم ماثل ومتجسد في حراكي الشباب والنساء اللذين يعتملان تحت الرماد .. ولن يلبثا حتى يظهرا فوقه !!